الاحزاب ٥٢ أنَّه بحكمِ الله فتطمئنَّ به نفوسهن وقرئ تُقِرَّ بضمِّ التَّاءِ ونصب أعينهنَّ وتُقَرُّ على البناءِ للمفعول وكلهنَّ تأكيدٌ لنونِ يرضينَ وقرى بالنَّصبِ على أنَّه تأكيدٌ لهنَّ ﴿والله يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ﴾ من الضَّمائرِ والخواطرِ فاجتهدُوا في إحسانِها ﴿وَكَانَ الله عَلِيماً﴾ مُبالغاً في العلمِ فيعلمُ كلَّ ما تُبدونَهُ وتُخفونَهُ ﴿حَلِيماً﴾ لا يُعاجلُ بالعقوبةِ فلا تغترُّوا بتأخيرِها فإنَّه إمهالٌ لا إهمالٌ
﴿لا يحل لك النساء﴾ بالياءِ لأنَّ تأنيثَ الجمعِ غيرُ حقيقيَ ولوجودِ الفصلِ وقرئ بالتاء ﴿مِن بَعْدُ﴾ أي من بعدِ التِّسعِ وهو في حقِّه كالأربعِ في حقِّنا وقالَ ابنُ عبَّاسٍ وقَتَادةُ من بعدِ هؤلاء التَّسعِ اللاتِي خيرتهنَّ فاخترنَك وقيلَ من بعد اختيارِهنَّ الله ورسولَه ورضاهنَّ بما تؤتيهنَّ من الوصلِ والهُجرانِ ﴿وَلاَ أَن تَبَدَّلَ﴾ أي تتبدلَ بحذفِ إحدى التَّاءينِ ﴿بِهِنَّ﴾ أي بهؤلاءِ التِّسعِ ﴿مِنْ أَزْوَاجٍ﴾ بأنْ تُطلقَ واحدةً منهنَّ وتنكحَ مكانَها أُخرى ومنْ مزيدةٌ لتأكيدِ الاستغراقِ أرادَ الله تعالى لهنَّ كرامةً وجزاءً على ما اخترنَ ورضينَ فقصرَ رسولَه عليهنَّ وهنَّ التِّسعُ اللاتي توفى ﷺ عنهنَّ وهُنَّ عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ وحفصةُ بنتُ عمرَ وأمُّ حبيبةٍ بنتُ ابي سفيان وسَوْدةُ بنتُ زَمْعَه وأمُّ سلمةَ بنتُ أبي أُميَّة وصفية بنت حيي الخيبرية وميمونة بنت الحرث الهلالية وزينب بنت جحش الاسدية وجويرية بنت الحرث المصطلِقيةُ وقالَ عكرمةُ المعنى لا يحل لك النساء من بعدِ الاجناسِ الأربعةِ اللاتِي أحللناهنَّ لكَ بالصِّفةِ التي تقدَّم ذكرُها من الأعرابياتِ والغرائبِ أو من الكتابياتِ أو من الإماءِ بالنِّكاحِ ويأباهُ قولُه تعالى وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ فإنَّ معنَى إحلالِ الأجناسِ المذكورةِ إحلالُ نكاحهنَّ فلا بدَّ أنْ يكونَ معنى التبدلِ بهنَّ إحلالَ نكاحِ غيرِهنَّ بدلَ إحلالِ نكاحهنَّ وذلكَ إنَّما يُتصوَّرُ بالنَّسخِ الذي ليسَ من الوظائفِ البشريَّةِ ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ أي حسنُ الأزواجِ المستبدلةِ وهو حالٌ من فاعلِ تبدلَ لا من مفعولِه وهو من أزواج لنوغله في التنكيرِ قيل تقديرُه مفروضاً إعجابُك بهنَّ وقد مرَّ تحقيقُه في قوله تعالى وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خيرٌ مّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وقيل هي أسماءُ بنتُ عُميسٍ الخَثعميَّةُ امرأةُ جعفرَ بنِ أبي طالبٍ أي هي ممن أعجبه ﷺ حسنُهنَّ واختُلف في أنَّ الآيةَ محكمةٌ أو منسوخةٌ قيل بقولِه تعالى تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَاء وقيل بقولِه تعالى إنَّا أحللنَا لكَ وترتيبُ النُّزولِ ليس على ترتيبِ المُصحفِ وقيل بالسنة وعنْ عائشةَ رضيَ الله عنها مامات رسول الله ﷺ حتَّى أحلَّ له النِّساءُ وقال أنسٌ رضيَ الله عنه مات ﷺ على التَّحريم ﴿إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ استثناءٌ من النِّساءِ لأنَّه يتناولُ الأزواجَ والإماء وقيل منقطعٌ ﴿وَكَانَ الله على كُلّ شىء رَّقِيباً﴾ حافظاً مُهيمناً فاحذرُوا مجاوزةَ حدودِه وتخطِّي حلالِه الى حرامه


الصفحة التالية
Icon