الخ تفصيلٌ لبعض ما يحيط به علمُه من الأمور التي نِيطتْ بها مصالحهم الدُّنيويةُ والدِّينيةُ أي يعلم ما يدخل فيها من الغيثِ والكُنوزِ والدَّفائنِ والأموات ونحوها ﴿وَمَا يَخْرُجُ منها﴾ كالحيوان والنبات وما العيون ونحوها ﴿وَمَا يَنزِلُ مِنَ السماء﴾ كالملائكةِ والكتبِ والمقادير ونحوها وقرئ وما نزل بالتَّشديدِ ونونِ العظمةِ ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ كالملائكةِ وأعمالِ العبادِ والأبخرةِ والأَدْخنةِ ﴿وَهُوَ الرحيم﴾ للحامدينَ على ما ذُكر من نِعَمِه ﴿الغفور﴾ للمفرطين في ذلك وكرمِه
﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا الساعة﴾ أرادوا بضمير المُتكلِّمِ جنسَ البشر قاطبةً لا أنفسَهم أو معاصريهم فقط كما أرادُوا بنفيِ إتيانها نفيَ وجودِها بالكُلِّيةِ لاعدم حضورِها مع تحقُّقها في نفس الأمر وإنما عبَّروا عنه بذلك لأنَّهم كانوا يُوعدون بإتيانها ولأنَّ وجود الأمور الزَّمانيةِ المُستقبلةِ لا سيَّما أجزاءُ الزَّمانِ لا يكون إلا بالإتيانِ والحضورِ وقيل هو استبطاءٌ لإتيانها الموعودِ بطريق الهُزءِ والسُّخريةِ كقولهم متى هذا الوعدُ ﴿قُلْ بلى﴾ ردٌّ لكلامِهم وإثباتٌ لِما نفَوه على معنى ليسَ الأمرُ إلاَّ إتيانَها وقولُه تعالى ﴿وَرَبّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ تأكيدٌ له على أتم الوجوه وأكملها وقرئ ليأتينَّكم على تأويل السَّاعةِ باليَّومِ أو الوقتِ وقوله تعالى ﴿عالم الغيب﴾ الخ إمداد للتَّأكيدِ وتسديدٌ له إثرَ تسديدٍ وكسر لسَورةِ نكيرِهم واستبعادهم فإنَّ تعقيب القسم بحلائل نُعوت المُقسَمِ بهِ على الإطلاق يُؤذنُ بفخامة شأنِ المُقْسَمِ عليه وقوَّةِ ثباته وصحته لما أن لك في حكمِ الاستشهادِ على الأمرِ ولا ريب في أن المستشهدَ به كلَّما كان أجل وأعلا كانت الشهادة أكدو أقوى والمستشهدُ عليه أحقَّ بالثُّبوتِ وأولى لا سيَّما إذا خص بالذكر من البعوت ماله تعلُّقٌ خاصٌّ بالمُقسَمِ عليه كما نحنُ فيهِ فإنَّ وصفَه بعلم الغيب الذي أشهرُ أفرادِه وأدخلُها في الخفاء هو المقسمُ عليهِ تنبيه لهم على علَّةِ الحكم وكونه ممَّا لا يحومُ حوله شائبةُ ريبٍ ما وفائدة الأمر بهذه المرتبة من اليمين أنْ لا يقى المعاندين عذرٌ ما أصلاً فإنَّهم كانوا يعرفون أمانتَه ونزاهتَه عن وصمةِ الكذب فضلاً عن اليمين الفاجرةِ وإنَّما لم يصدقوه مكابرة وقرئ علاَّمُ الغيبِ وعالمُ الغيبِ وعالمُ الغُيوبِ بالرَّفعِ على المدحِ ﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ﴾ أي لا يعد وقرئ بكسرِ الزَّايِ ﴿مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ مقدارُ أصغرِ نملةٍ ﴿فِي السماوات وَلاَ فِى الارض﴾ أي كائة فيهما ﴿وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك﴾ أي من مثقالِ ذرَّةٍ ﴿وَلا أَكْبَرَ﴾ أي منه ورفعُهما على الابتداءِ والخبرُ قولُه تعالى ﴿إِلاَّ فِى كتاب مُّبِينٍ﴾ هو اللَّوحُ المحفوظُ والجملةُ مؤكِّدةٌ لنفى العزوب وقرئ ولا أصغرَ ولا أكبرَ بفتحِ الرَّاءِ على نفيِ الجنسِ ولا يجوزُ أن يُعطفَ المرفوعُ على مثقالُ ولا المفتوحُ على ذَرَّةٍ بانه فتح في حيز الجر لا متاع الصَّرفِ لما أنَّ الاستثناءَ يمنعه إلا أنْ يُجعل الضميرُ في عنه للغيب ويُجعلَ المثبتُ في اللَّوحِ خارجاً عنه لبروزه للمطالعينَ له فيكون المعنى لا ينفصل عن الغيب شئ إلا مسطوراً في اللَّوحِ
﴿ليجزي الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات﴾ علَّةٌ لقوله تعالى لتأنينكم وبيان لما