سبإ ٢٥ ٣٠ عليها والضَّالُّ كأنَّه منغمسٌ في ظلامٍ لا يَرى شيئاً أو محبوسٌ في مطمورةٍ لا يستطيعُ الخروجَ منها
﴿قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وهذا أبلغُ في الإنصافِ وأبعدُ من الجَدَلِ والاعتسافِ حيثُ أسند فيه الإجرامُ وإنْ أُريد به الزَّلَّةُ وتركُ الأولى إلى أنفسهم ومطلقُ العمل إلى المخاطَبين مع أن أعمالهم أكبرُ الكبائرِ
(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا) يومَ القيامةِ عند الحشرِ والحسابِ ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق أي يحكمُ بيننا ويفصلُ بعد ظهورِ حالِ كلَ منّا ومنكم بأن يدخل المحقِّين الجنة والمبطلين النار وَهُوَ الفتاح الحاكم الفيصل في القضايا المنغلقة العليم بما ينبغي أنْ يُقضى به
﴿قُلْ أَرُونِىَ الذين أَلْحَقْتُمْ﴾ أي ألحقتمُوهم ﴿بِهِ شُرَكَاء﴾ أُريد بأمرهم بإراءةِ الأصنامِ مع كونها بمرأى منه ﷺ إظهار خطئِهم العظيمِ وإطلاعهم على بُطلانِ رأيهم أي اروينها لأنظرَ بأيِّ صفةٍ ألحقتُموها بالله الذي ليسَ كمثلِه شيءٌ في استحقاقِ العبادةِ وفيه مزيدُ تبكيتٍ لهم بعد إلزامِ الحجَّةِ عليهم كَلاَّ ردعٌ لهم عن المشاركةِ بعد إبطالِ المقايسةِ ﴿بَلْ هُوَ الله العزيز الحكيم﴾ أي الموصوفُ بالغلبةِ القاهرةِ والحكمةِ الباهرةِ فأينَ شركاؤكم التي هي أخسُّ الاشياء اذ لها من هذه الرُّتبةِ العاليةِ والضمير اما الله عز وعلا أو للشَّأنِ كما في قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ
﴿وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ﴾ أي إلا إرسالةً عامة لهم فإنهم إذا عمَّتهم فقد كفتْهمِ أنْ يخرجَ منها أحدٌ منهم أو إلا جامعاً لهم في الابلاغ فهي حالٌ من الكافِ والتَّاءِ للمُبالغةِ ولا سبيلَ إلى جعلِها حالاً من النَّاسِ لاستحالةِ تقدُّمِ الحالِ على صاحبها المجرورِ ﴿بَشِيراً وَنَذِيراً ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذلك فيحملُهم جهلُهم على ما هم عليه من الغيِّ والضَّلالِ
﴿وَيَقُولُونَ﴾ من فرطِ جهلِهم وغايةِ غيِّهم متى هذا الوعد بطريقِ الاستهزاءِ يعنون به المبشَّر به والمنذَر عنه أو الموعود بقوله تعالى بجمع بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا ﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ مخاطبين لرسول الله ﷺ والمؤمنين به
﴿قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ﴾ أي وعدُ يومٍ أو زمان وعدو الاضافة للتبيِّينِ وقُرىء ميعادٌ يومٌ منَّونينِ على البدل ويوماً بإ ٤ ضمار اعنى للتعظيم ﴿لا تستأخرون عَنْهُ﴾ عند مفاجأتِه ﴿سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ﴾ صفةً لميعادُ وفي هذا الجواب من المبالغة في التهديد مالا يخفى حيثُ جعل الاستئخارَ في الاستحالة كالا ستقدام الممتنعِ عقلاً وقد مرَّ بيانُه مراراً ويجوزُ أنْ يكون نفي الاستئجار والاستقدامِ غيرَ مقيَّدٍ بالمُفاجأة فيكون وصفُ الميعادِ بذلك لتحقيقة