سبإ ٣١ ٣٣ وتقريرِه
﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نؤمن بهذا القرآن وَلاَ بالذى بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي من الكتبِ القديمةِ الدَّالَّةِ على البعث وقيل إنَّ كُفَّار مكَّةَ سألُوا أهلَ الكتابِ عن رسولِ الله ﷺ فأخبرُوهم أنَّهم يجدون نعتَهُ في كتبهم فغضبُوا فقالُوا ذلكَ وقيل الذي بين يديه القيامة ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظالمون﴾ المنكرون للبعث ﴿مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ﴾ أي في موقفِ المحاسبة ﴿يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول﴾ أي يتحاورونَ ويتراجعون القولَ يَقُولُ الذين استضعفوا بدل من يرجع الخ أي يقول الأتباع ﴿لِلَّذِينَ استكبروا﴾ في الدُّنيا واستتبعوهم في الغيِّ والضَّلالِ ﴿لَوْلاَ أَنتُمْ﴾ أي لولا إضلالُكم وصدُّكم لنا عن الإيمانِ ﴿لَكُنَّا مؤمنين﴾ باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم
﴿قَالَ الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا﴾ استئنافٌ مبنيٌّ على السؤالِ كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ الذين استكبرُوا في الجواب فقيل قالُوا ﴿أَنَحْنُ صددناكم عَنِ الهدى بَعْدَ إِذْ جَاءكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ﴾ مُنكرين لكونهم هم الصَّادِّين لهم عن الإيمانِ مُثبتين أنَّهم هم الصَّادُّون بأنفسهم بسبب كونِهم راسخين في الإجرام
﴿وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا﴾ اضرابا عن إضرابِهم وإبطالاً له ﴿بَلْ مكرَ اللَّيلِ والنَّهارِ﴾ أي بل صدَّنا مكرُكم بنا باللَّيلِ والنَّهارِ فحُذف المضافُ إليه وأقيم مقامَه الظَّرفُ اتَّساعاً أو جُعل ليلُهم ونهارُهم ماكريْنِ على الإسناد المجازي وقُرىء بل مكرٌ اللَّيلَ والنَّهارَ بالتَّنوينِ ونصب الظَّرفينِ أي بل صدَّنا مكرُكم في اللَّيلِ والنَّهارِ على أن التنوين عوضٌ عن المُضافِ إليهِ أو مكرٌ عظيمٌ على أنَّه للتَّفخيمِ وقُرىء بل مكرٌ اللَّيلِ والنَّهارِ بالرَّفعِ والنَّصبِ أي تكرون الاغواء مكراً دائباً لا تفترون عنه فالرفع على الفاعلية أي بل صدَّنا مكركم الإغواء في اللَّيل والنَّهارِ على ما سبق من الاتِّساع في الظَّرفِ بإقامتِه مقامَ المضافِ إليه والنَّصبِ على المصدرية أي بل تكرون الإغواءِ مكرَ اللَّيلِ والنَّهارِ أي مكرا دائما وقوله تعالى ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا﴾ ظرفٌ للمكرِ أي بل مكرُكم الدَّائمُ وقتَ أمرِكم لنا ﴿أَن نَّكْفُرَ بالله وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً﴾ على أنَّ المرادَ بمكرِهم إمَّا نفسُ أمرِهم بما ذُكر كما في قوله تعالى يا قوم اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء