فاطر ١٤ ١٧ قدَّره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة كما رُوي عن الحسن رحمه الله وقيل جريانُهما عبارةٌ عن حركتيهما الخاصَّتينِ بهما في فلكيهما والأجلُ المُسمَّى هو منتهى دورتيهما ومدَّةُ الجريانِ للشمس سنة والقمر شهرٌ وقد مرَّ تفصيلُه في سُورة لقمانُ ﴿ذلكم﴾ إشارةٌ إلى فاعلِ الأفاعيلِ المذكورة وما فيه من معنى البعد للإيذان بغاية العظمةِ وهو مبتدأٌ وما بعدَه أخبارٌ مترادفةٌ أي ذلكم العظيمُ الشأنِ الذي أبدعَ هذه الصَّنائعَ البديعةَ ﴿الله رَبُّكُمْ لَهُ الملك﴾ وفيه من الدلالة على أنَّ إبداعَه تعالى لتلك البدائعِ ممَّا يُوجبُ ثبوتَ تلك الاخبار له مالا يخفى ويجوزُ أنْ يكونَ الأخيرُ كلاماً مُبتدأً في مقابلةِ قوله تعالى ﴿والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يملكون من قطمير﴾ الدلالة على تفرُّدِه تعالى بالأُلوهيَّةِ والرُّبوبيَّةِ وقُرىء يَدعُون بالياءِ التحتانيةِ والقطميرُ لفافةُ النَّواةِ وهو مثلٌ في القِلة والحقارةِ
﴿إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ﴾ استئنافٌ مقررٌ لمضمونِ ما قبله كاشفٌ عن جليةِ حالِ ما يدعونَه بأنَّه جمادٌ ليس من شأنِه السَّماعُ ﴿وَلَوْ سَمِعُواْ﴾ على الفرضِ والتَّقديرِ ﴿مَا استجابوا لَكُمْ﴾ لعجزِهم عن الأفعالِ بالمرَّةِ لا لما قيلَ من أنَّهم متبرِّئون منكم وممَّا تدعُون لهم فإن ذلك مما لا يُتصور منهم في الدُّنيا ﴿وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ أي يجحدونَ بإشراكِكم لهم وعبادتِكم إيَّاهم بقولِهم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ أي لا يخبرك بالأمرِ مخبرٌ مثلُ خبيرٍ أخبرَك به وهو الحقُّ سبحانَه فإنَّه الخبيرُ بكُنهِ الأمورِ دُون سَائرِ المخبرين والمرادُ تحقيقُ ما أخبر به من حالِ آلهتِهم ونفيُ ما يدَّعُون لهم من الإلهيةِ
﴿يا أيها الناس أَنتُمُ الفقراء إِلَى الله﴾ في أنفسِكم وفيما يعن لكم من امرمهم او خطب علم وتعريفُ الفقراءِ للمبالغةِ في فقرِهم كأنَّهم لكثرةِ افتقارِهم وشدَّةِ احتياجِهم هم الفقراءُ فحسب وأنَّ افتقارَ سائرِ الخلائقِ بالنسبةِ إلى فقرِهم بمنزلة العدمِ ولذلك قال تعالى وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً ﴿والله هُوَ الغنى الْحَمِيدُ﴾ أي المستغنِي على الإطلاقِ المنعمُ على سائرِ الموجوداتِ المستوجبُ للحمدِ
﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ ليسُوا على صفتِكم بل مستمرُّون على الطَّاعةِ أو بعالمٍ آخرَ غيرِ ما تعرفونَهُ
﴿وَمَا ذلك﴾ أي ما ذُكر من الإذهابِ بهم والإتيانِ بآخرينَ ﴿عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ بمتعذرٍ ولا متعسرٍ


الصفحة التالية
Icon