فاطر ١٨ ٢٢
﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ﴾ أي لا تحملٌ نفسٌ آثمةٌ ﴿وِزْرَ أخرى﴾ إثمَ نفسٍ أُخرى بل إنَّما تحملُ كلٌّ منهما وزرها وأماما في قولِه تعالى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ من حملِ المضلِّين أثقالاً غيرَ أثقالِهم فهو حملُ أثقالِ إضلالِهم مع أثقالِ ضلالِهم وكلاهما أوزارُهم ليس فيها من أوزارِ غيرِهم شئ ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ أي نفسٌ أثقلَها الأوزارُ ﴿إلى حِمْلِهَا﴾ لحملِ بعضِ أوزارِها ﴿لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْء﴾ لم تجب بحمل شئ منه ﴿وَلَوْ كَانَ﴾ أي المدعُو المفهوم من الدَّعوةِ ﴿ذَا قربى﴾ ذا قرابةٍ من الداعى وقرئ ذُو قُربى وهذا نفيٌ للحملِ اختياراً والأوَّلُ نفيٌ له جبارا ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ﴾ استئنافٌ مسوق لبيان من يتَّعظُ بما ذُكر أي إنَّما تنذر بهذه الإنذاراتِ ﴿الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بالغيب﴾ أي يخشَونَه تعالى غائبينَ عن عذابِه أو عن النَّاسِ في خلواتِهم أو يخشَون عذابَه وهو غائبٌ عنهم ﴿وَأَقَامُوا الصلاة﴾ أي راعَوها كما ينبغي وجعلوها مَنَاراً منصوباً وعَلَماً مرفُوعاً أي إنما ينفعُ إنذارُك وتحذيرُك هؤلاءِ من قومِك دُون مَنْ عداهُم منْ أهل التَّمرد والعناد ﴿ومن تزكى﴾ أن تطهرَ من أوضار الأوزارِ والمعاصِي بالتَّاثرِ من هذهِ الإنذاراتِ ﴿فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ﴾ لاقتصارِ نفعِه عليها كما أنَّ مَن تدنَّس بها لا يتدنَّس إلا عليها وقرئ من ازكَّى فإنَّما يزكَّى وهو اعتراضٌ مقررٌ لخشيتهم وإقامِتهم الصَّلاةَ لأنَّها من معظمِ مبادِي التزكِّي ﴿وإلى الله المصير﴾ لا إلى أحدٍ غيرِه استقلالاً أو اشتراكاً فيجازيهم على تزكِّيهم أحسنَ الجزاء
﴿وما يستوى الاعمى والبصير﴾ أي الكافرُ والمؤمنُ
﴿وَلاَ الظلمات وَلاَ النور﴾ أي ولا الباطلُ ولا الحقُّ وجمع الظلمات مع أفرادِ النُّورِ لتعدُّدِ فنونِ الباطلِ واتِّحاد الحقِّ
﴿وَلاَ الظل وَلاَ الحرور﴾ أي ولا الثَّوابُ ولا العقاب وإدخال لاعلى المتقابلينِ لتذكيرِ نفيِ الاستواءِ وتوسيطها بينهما للتأكيد والحرور فَعولٌ من الحرِّ غلب على السَّمومِ وقيل السَّمومُ ما يهبُّ نهاراً والحَرورُ ما يهبُّ ليلاً
﴿وَمَا يَسْتَوِى الاحياء وَلاَ الاموات﴾ تمثيلٌ آخرُ للمؤمنينَ والكافرين