فاطر ٣٣ ٣٤ وتحققه وقيل أورثناهُ من الأممِ السَّالفةِ أي أخَّرناه عنهم وأعطيناهُ ﴿الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾ وهم علماءُ الأمةِ من الصَّحابةِ ومن بعدهم ممَّن يسيرُ سيرتَهم أو الأمة بأسرِهم فإنَّ الله تعالى اصطفاهم على سائرِ الأممِ وجعلهم أمةً وسطاً ليكونُوا شهداءَ على النَّاسِ واختصَّهم بكرامةِ الانتماءِ إلى أفضلِ رسله عليهم الصلاة والسلام وليس من ضرورةِ وراثةِ الكتابِ مراعاتُه حقَّ رعايتِه لقوله تعالى فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الكتاب الآيةَ ﴿فَمِنْهُمْ ظالم لّنَفْسِهِ﴾ بالتقصير في العمل به وهو المرجأُ لأمرِ الله ﴿وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ﴾ يعملُ به في أغلبِ الأوقاتِ ولا يخلُو من خلط السَّيءِ ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله﴾ قيل هم السّابقونَ الأوَّلُون من المهاجرينَ والأنصارِ وقيل هم المُداومون على إقامةِ مواجبهِ علماً وعملاً وتعليماً وفي قوله بِإِذْنِ الله أي بتيسيره وتوفيقِه تنبيةٌ على عزَّةِ منال هذه الرتبة وصعوبةِ مأخذِها وقيل الظَّالمُ الجاهلُ والمقتصدُ المتعلِّم والسَّابقُ العالمُ وقيل الظالمُ المجرمُ والمقتصدُ الذي خلطَ الصَّالحَ بالسَّيءِ والسَّابقُ الذي ترَّجحتْ حسناته بحيثُ صارتْ سيِّئاتُه مكفَّرةً وهو معنى قوله ﷺ وَأَمَّا الذين سَبَقُواْ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجنة يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَأَمَّا المقتصد فأولئك يحاسبون حساباً يسيراً وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون فى طول المحشر ثم يتلقاهم الله تعالى برحمته وقد رُوي أن عمر رضي الله عنه قال وهو على المنبرِ قال رسول الله ﷺ سابقُنا سابقٌ ومقتصدُنا ناجٍ وظالمُنا مغفورٌ له ﴿ذلك﴾ إشارةٌ إلى السَّبقِ بالخيراتِ وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو رتبتِه وبُعدِ منزلته في الشَّرفِ ﴿هُوَ الفضل الكبير﴾ من الله عز وجل لا يُنال إلا بتوفيقِه تعالى
﴿جنات عَدْنٍ﴾ إمَّا بدلٌ من الفضلُ الكبيرُ بتنزيلِ السَّببِ منزلةَ المسَّببِ أو مبتدأٌ خبرُه ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ وعلى الأوَّلِ هو مستأنفٌ وجمعُ الضَّميرِ لأنَّ المرادَ بالسَّابقِ الجنسُ وتخصيصُ حالِ السَّابقينَ ومآلِهم بالذِّكرِ والسُّكوتُ عن الفريقينِ الآخرينِ وإنْ لم يدلَّ على حرمانِهما من دخولِ الجنةِ مُطلقاً لكنَّ فيه تحذيراً لهما من التَّقصيرِ وتحريضاً على السَّعيِ في إدراكِ شأوِ السَّابقينَ وقُرىء جنَّاتِ عدنٍ وجَّنةَ عدنٍ على النَّصبِ بفعلٍ يفسِّره الظَّاهرُ وقُرىء يُدخَلُونها على البناءِ للمفعولِ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا﴾ خبرٌ ثانٍ أو حالٌ مقدرةٌ وقُرىء يحلُون من حَلِيتْ المرأةُ فهي حاليةٌ ﴿مِنْ أَسَاوِرَ﴾ هيَ جمع أسورة جمع سوار ﴿من ذهب﴾ من الأولى تبعيضيَّةٌ والثَّانيةُ بيانيَّةٌ أي يُحلَّون بعضَ أساورَ من ذهبٍ كأنَّه أفضلُ من سائرِ أفرادِها ﴿وَلُؤْلُؤاً﴾ بالنَّصبِ عطفاً عَلى محلِّ منْ أساورَ وقُرىء بالجرِّ عطفا على ذهبٍ أي من ذهبٍ مرصعٍ باللُّؤلؤِ أو من ذهبٍ في صفاءِ اللُّؤلؤِ ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ وتغيير الاسلوب قد مر في سورةِ الحجِّ
﴿وَقَالُواْ﴾ أي يقولون وصيغةَ الماضِي للدلالةِ على التحقق ﴿الحمد لله الذي أذهب عَنَّا الحزن﴾ وهو ما أهمَّهم من خوفِ سوءِ العاقبةِ وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما حَزَنُ الأعراضِ والآفاتُ وعنه حَزَنُ الموتِ وعن الضَّحَّاكِ لحزن وسوسةِ إبليسَ وقيل همُّ المعاش وقيل حزن