يس ١٨ ٢٢ بالآياتِ الشَّاهدةِ بالصِّحَّةِ وقد خرجنا عن عُهدته فلا مؤاخذةَ لنا بعد ذلك من جهة ربِّنا أو ما علينا شيءٌ نُطالب به من جهتِكم إلا تبليغُ الرِّسالةِ على الوجهِ المذكورِ وقد فعلناه فأيُّ شيءٍ تطلبون منَّا حتَّى تُصدِّقوُنا بذلك
﴿قَالُواْ﴾ لمَّا ضاقتْ عليهم الحيلُ وعيَّت بهم العلل ﴿إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ﴾ تشاءمنا بكم جرياً على دَيْدنِ الجَهَلةِ حيث كانُوا يتيَّمنون بكلِّ ما يُوافق شهواتِهم وإن كان مستجلباً لكلِّ شر ووبال ويتشاءمون بمالا يُوافقها وإنْ كان مستتبعاً لسعادةِ الدَّارينِ أو بناء على الدعوة لاتخلو عن الوعيدِ بما يكرهونَه من اصابة ضر متعلق بأنفسهم وأهليهم وأموالِهم إنْ لم يُؤمنوا فكانوا ينفرون عنه وقد رُوي أنَّه حُبس عنهم القطرُ فقالوه ﴿لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ﴾ أي عن مقالتِكم هذه ﴿لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾ بالحجارةِ ﴿وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ لا يُقادرُ قَدرُه
﴿قَالُواْ طائركم﴾ أي سببُ شُؤمكم ﴿مَّعَكُمْ﴾ لا مِن قِبلنا وهو سوءُ عقيدتِكم وقبحُ أعمالكم وقُرىء طَيركُم ﴿أئن ذُكّرْتُم﴾ أي وُعظتُم بما فيه سعادتُكم وجوابُ الشَّرط محذوفٌ ثقةً بدِلالة ما قبلَهُ عليه أي تطيرتُم وتوعدتُم بالرَّجمِ والتَّعذيبِ وقُرىء بألفٍ بين الهمزتينِ وبفتحِ أنْ بمعنى أتطيرتُم لأنْ ذُكِّرتم وأنْ ذكِّرتم وإنْ ذُكِّرتم بغيرِ استفهام وأينَ ذُكِّرتم بمعنى طائركم معكم حيثُ جرى ذكركُم وهو أبلغُ ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ إضرابٌ عمَّا تقتضيه الشَّرطيَّةُ من كونِ التَّذكيرِ سبباً للشُّؤمِ أو مصحِّحاً للتوعد أي ليس الأمرُ كذلك بل أنتُم قومٌ عادتُكم الإسرافُ في العصيان فلذلك أتاكُم الشُّؤمُ أو في الظُّلمِ والعُدوانِ ولذلك تَوعدتُم وتَشاءمتُم بمن يجبُ إكرامُه والتَّبركُ به
﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى المدينة رَجُلٌ يسعى﴾ هو حبيبٌ النَّجارُ وكان ينحتُ أصنامَهم وهو ممَّن آمنَ برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم وبينهما ستمائةُ سنةٍ كما آمنَ به تُبَّعُ الأكبرُ وورقةُ بنُ نوفلٍ وغيرُهما ولم يؤمن من بنبي غيره ﷺ أحدٌ قبل مبعثِه وقيل كان في غارٍ يعبدُ الله تعالى فلمَّا بلغه خبرُ الرسلُ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أظهرَ دينَه ﴿قَالَ﴾ استئنافٌ وقع جوابا عن سؤالٍ نشأَ من حكايةِ مجيئهِ ساعياً كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ عند مجيئِه فقيل قال ﴿يا قوم اتبعوا المرسلين﴾ تعرض لعُنوانِ رسالتهم حثَّاً لهم على اتِّباعِهم كما أنَّ خطابَهم بيا قوم لتأليفِ قلوبِهم واستمالتِها نحو قبولِ نصيحتِه وقوله تعالى
﴿اتبعوا من لا يسألكم أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ تكريرٌ للتأكيد والتوسل به إلى وصفهم بما يرغِّبُهم في اتِّباعهم من التَّنزهِ عن الغرض الدُّنيويِّ والاهتداء إلى خير الدُّنيا والدِّينِ
﴿وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الذى فَطَرَنِى﴾ تلطُّفٌ في الارشاد