أي على زعمِكم وعن ابن عباس رضي الله عنهما كان بمكَّةَ زنادقُة إذا أُمروا بالصَّدقةِ على المساكين قالوا لا والله أيُفقره الله ونُطعمه نحنُ وقيل قالَه مُشركو قُريشٍ حين استطعمهم فقراءُ المؤمنين من أموالهم التي زعمُوا أنَّهم جعلُوها لله تعالى مِنَ الحرث والأنعامِ يُوهمون أنَّه تعالى لما لم يشأْ إطعامَهم وهو قادرٌ عليه فنحن أحقُّ بذلك وما هو إلا لفرطِ جهالتِهم فإنَّ الله تعالى يُطعم عبادَه بأسبابٍ من جُملتها حثُّ الأغنياءِ على إطعامِ الفُقراء وتوفيقُهم لذلك ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال مُّبِينٍ﴾ حيثُ تأمروننا بما يُخالف مشيئةَ الله تعالى وقد جُوِّزَ أنْ يكونَ جواباً لهم من جهتِه تعالى أو حكايةً لجواب المُؤمنين لهم
﴿وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين﴾ أي فيما تعدوننا بهِ من قيام السَّاعةِ مخُاطبين لرسول الله ﷺ والمؤمنين لمَا أنَّهم أيضاً كانُوا يتلون عليهم آياتِ الوعيدِ بقيامها ومعنى القُرْبِ في هذا إمَّا بطريق الاستهزاءِ وإمَّا باعتبارِ قُربِ العهدِ بالوعدِ
﴿مَا يَنظُرُونَ﴾ جوابٌ من جهتهِ تعالى أي ما ينتظرونَ ﴿إِلا صَيْحَةً واحدة﴾ هي النَّفخةُ الأولى ﴿تَأُخُذُهُمْ﴾ مفاجأةً ﴿وَهُمْ يَخِصّمُونَ﴾ أي يتخاصمُون في متاجرِهم ومعاملاتِهم لا يخطر ببالهم شئ من مخايلها كقولِه تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فلا يغترُّوا بعدم ظهور علائِمها ولا يزعمُوا أنَّها لا تأتيهم وأصلُ يخصِّمون يَخْتَصِمُون فُسكِّنت التَّاءُ وأُدغمتْ في الصَّادِ ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وقرئ بكسر الياءِ للاتباعِ وبفتح الخاءِ على إلقاءِ حركةِ التاء عليه وقرئ على الاختلاسِ وبالإسكانِ على تجويزِ الجمعِ بين السَّاكنينِ إذا كان الثَّاني مُدغَماً وإنْ لم يكُن الأوَّلُ حرف مد وقرئ يَخْصِمُون من خَصَمَه إذا جَادَله
﴿فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ في شئ من أمورِهم إنْ كانُوا فيما بين أهليهم ﴿وَلاَ إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ إنْ كانُوا في خارج أبوابِهم بل تبغتهم الصَّيحةُ فيموتون حيثُما كانُوا
﴿وَنُفِخَ فِى الصور﴾ هيَ النَّفخةُ الثَّانيةُ بينها وبين الأوُلى أربعون سنةً أي يُنفخ فيهِ وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على تحقق الوقوع ﴿فَإِذَا هُم مّنَ الاجداث﴾ أي القبورِ جمع جَدَثٍ وقرئ بالفاءِ ﴿إلى رَبّهِمْ﴾ مالِكَ أمرِهم على الإطلاقِ ﴿يَنسِلُونَ﴾ يُسرعون بطريقِ الإجبارِ دُونَ الأختيارِ لقولِه تعالى لدينا محضرون وقرئ بضمِّ السِّينِ
﴿قَالُواْ﴾ أي في ابتداء بعثهم من القبور ﴿يا ويلنا﴾ احضر فهذا أوانك وقرئ يا ويلتَنَا ﴿مَن بَعَثَنَا من مرقدنا﴾ وقرئ مَن أهبّنا من هبَّ من نومه إذا انتبه وقرئ من هَبّنا بمعنى أهبنا وقيل أصله