الصافات ٧٠ ٧٦ الأمر ليس لهم ما يصلُح شبهةً فضلاً عن صلاحيةِ الدَّليلِ
﴿فهم على آثارهم يُهْرَعُونَ﴾ من غير أنْ يتدبروا أنَّهم على الحقِّ أولاً مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمُّلٍ والإهراعُ الإسراع الشَّديدُ كأنَّهم يُزعجون ويحثُّون حثًّا على الإسراع على آثارِهم وقيل هو إسراعٌ فيه شبه رعدةٍ
﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ﴾ أي قبلَ قومِك قريش ﴿أَكْثَرُ الاولين﴾ من الأمم السَّالفةِ وهو جواب قسم محذوفٍ وكذَا قولُه تعالى
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ﴾ أي أنبياءَ أولي عددٍ كثيرٍ وذوي شأنٍ خطيرٍ بيَّنوا لهم بُطلانَ ما هم عليه وأنذرُوهم عاقبته الوَخِيمَةِ وتكريرُ القَسَمِ لإبرازِ كمالِ الاعتناءِ بتحقيقِ مضمون كلَ من الجملتين
﴿فانظر كيف كان عاقبة المنذرين﴾ من الهول والفظاعةِ لمَّا لم يلتفتُوا إلى الإنذار ولم يرفعُوا له رأساً والخطابُ إمَّا لرسولِ الله ﷺ أو لكل أحد ممن يتمكَّنُ من مشاهدة آثارِهم وحيث كان المعنى أنَّهم اهلكوا هلاكا فظيعاً استُثني منهم المُخلصون بقوله تعالى
﴿إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين﴾ أي الذين أخلصَهم الله تعالى بتوفيقهم للإيمان والعملِ بموجب الإنذارِ وقُرىء المخلِصين بكسر اللاَّم أي الذين أخلصُوا دينَهم لله تعالى
﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ﴾ نوعُ تفصيلٍ لَما أُجمل فيما قبل ببيان أحوال بعض المرسلين وحسنِ عاقبتهِم متضمِّنٍ لبيان سوء عاقبة بعض المُنذرين حسبما أُشير إليه بقوله تعالى فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المنذرين كقوم نوح آل فرعونَ وقوم لوطٍ وقوم إلياسَ ولبيان حُسن عاقبةِ بعضهم الذين أخلصُهم الله تعالى ووفَّقهم للإيمان كما أشار إليه الاستثناء كقوم يونسَ عليه السَّلامُ ووجه تقديم قصَّةِ نوحٍ على سائر القصص غنيٌّ عن البيان واللامُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ وكذا ما في قوله تعالى ﴿فَلَنِعْمَ المجيبون﴾ أي وباللَّهِ لقد دعانا نوحٌ حين يئسَ من ايمان قومه بعد ما دعاهُم إليه أحقاباً ودُهُوراً فلم يزدهم دعاؤُه إلا فراراً ونُفوراً فأجبناه أحسنَ الاجابة فو الله لنعم المُجيبون نحن فحُذف ما حُذف ثقةً بدلالة ما ذُكر عليه والجمع دليلُ العظمةِ والكبرياءِ
﴿ونجيناه وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم﴾ أي من الغَرقِ وقيل من أذيةِ قومه


الصفحة التالية
Icon