٧٠ - ٧١ ﴿إِنَّ ذلك﴾ أي الذي حكى من احوالهم ﴿الحق﴾ لا بد من وقوعه البتةَ وقوله تعالى ﴿تَخَاصُمُ أَهْلِ النار﴾ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ والجملةُ بيانٌ لذلك وفي الإبهامِ أوَّلاً والتَّبيينِ ثانياً مزيدُ تقريرٍ له وقيل بدلٌ من محلِّ ذلك وقيل بدلٌ من حقٌّ أو عطفُ بيانٍ له وقُرىء بالنَّصبِ على أنَّه بدلٌ من ذلكَ وما قيل من أنَّه صفةٌ له فقد قيل عليه إنَّ اسمَ الإشارةِ لا يُوصف إلا بالمعرَّفِ باللامِ يقال بهذا الرَّجلَ ولا يقال بهذا غلامِ الرَّجلِ
﴿قُلْ﴾ أمرٌ لرسولِ الله ﷺ أنْ يقولَ للمشركينَ ﴿إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ﴾ من جهتهِ تعالى أنذرُكم عذابَه ﴿وَمَا مِنْ إله﴾ في الوجودِ ﴿إِلاَّ الله الواحد﴾ الذي لا يقبل الشِّركِةَ والكثرةَ أصلاً ﴿القهار﴾ لكلِّ شيءٍ سواه
﴿رب السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ منْ المخلوقاتِ فكيف يُتوهّم أن يكونَ له شريكٌ منها ﴿العزيز﴾ الذي لا يُغلب في أمرٍ من أمورِه ﴿الغفار﴾ المبالغ في المغفرة يغفرُ ما يشاء لمَن يشاء وفي هذه النُّعوت من تقرير التَّوحيدِ والوعد للموحِّدين والوعيد للمشركين مالا يخفى وتثنيةُ ما يُشعر بالوعيد من وصفَيْ القهرِ والعزَّةِ وتقديمهما على وصفِ المغفرةِ لتوفية مقامَ الإنذارِ حقَّه
﴿قُلْ﴾ تكريرُ الأمر للإيذانِ بأنَّ المقولَ أمرٌ جليلٌ له شأن خطير لابد من الاعتناء به أمراً وائتماراً ﴿هُوَ﴾ أي ما أنبأتُكم به من أنِّي منذر من جهته تعالى وانه تعالى واحد لاشريك له وأنه متَّصفٌ بما ذكر من الصفات الجليلة والأظهرُ أنَّه القرآنُ وما ذُكر داخلٌ فيه دُخولاً أوليّاً كما يشهد به آخر السُّورةِ الكريمة وهو قولُ ابن عبَّاسٍ ومُجاهدٍ وقَتَادةَ ﴿نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ واردٌ من جهتِه تعالى وقوله تعالى
﴿أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ استئنافٌ ناعٍ عليهم سوءَ صنيعهم به ببيان أنَّهم لا يقدِّرون قدرَه الجليلَ حيث يُعرضون عنه مع عظمته وكونه موجبا للافبال الكلي عليه وتلقِّيه بحسن القَبول وقيل صفةٌ أُخرى لنبأٌ وقولُه تعالى
﴿مَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بالملإ الاعلى﴾ الخ استئنافٌ مسوقٌ لتحقيقِ أنَّه نبأ عظيم واردٌ من جهته تعالى بذكر نبأٍ من أنبائهِ على التَّفصيل من غير سابقةِ معرفةٍ به ولا مباشرةِ سببٍ من أسبابِها المعتادةِ فإنَّ ذلك حجَّةٌ بينةٌ دالَّةٌ على أن ذلك بطريق الوحيِ من عند الله تعالى وان سائر انبائه أيضاً كذلك والملأُ الأعلى هم الملائكةُ وآدمُ عليهم السَّلامُ وإبليسُ عليه اللَّعنةُ وقوله تعالى ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ متعلِّق بمحذوفٍ يقتضيه المقام إذِ المراد نفيُ علمِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بحالهم


الصفحة التالية
Icon