غافر ١٨ ٢١ فيهِ أو سريعٌ مَجيئاً فيكونُ تعليلاً للإنذارِ
﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأزفة﴾ أي القيامةِ سميتْ بَها لأُزوفِهَا وهُو القربُ غيرَ أنَّ فيهِ إشعاراً بضيقِ الوقتِ وقيلَ الخطةُ الآزفةُ وهي مشارفةُ أهلِ النارِ دخولَها وقيل وقتَ حضورِ الموتِ كَما في قولِه تعالى فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم وقولِه كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التراقى وقولُه تعالَى ﴿إِذِ القلوب لَدَى الحناجر﴾ بدلٌ منْ يومَ الآزفةِ فإنَّها ترتفعُ من أماكِنها فتلتصقُ بحلوقِهم فلا تعودُ فيتروّحوا ولاتخرج فيستريحوا بالموتِ ﴿كاظمين﴾ عَلى الغَمِّ حالٌ منْ أصحابِ القلوبِ عَلى المَعْنى إِذِ الأصلُ قلوُبُهم أوْ مِنْ ضميرِهَا في الظرفِ وجمعُ السلامة باعتبار أنَّ الكظَم منْ أحوالِ العُقلاءِ كقولِه تعالَى فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين أوْ منْ مفعولِ أنذرْهم عَلى أنَّها حالٌ مقدرةٌ أيْ أنذرهُم مقدراً كظمَهُم أوْ مشارفينَ الكظمَ ﴿مَا للظالمين مِنْ حَمِيمٍ﴾ أَيْ قريبٍ مشفقٍ ﴿وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ أيْ لاَ شفيعَ مُشفَّعٌ على مَعْنى نفِي الشفاعةِ والطاعةِ معاً على طريقةِ قوله على لا حب لا يهتدى بمناره والضمائرُ إنْ عادتْ إلى الكُفارِ وهو الظاهرُ فوضعُ الظالمينَ موضعَ ضميرِهم للتسجيلِ عليهم بالظلمِ وتعليلِ الحكمِ بهِ
﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعين﴾ النظرةَ الخائنةَ كالنظرةِ الثانيةِ إلى غيرِ المَحْرمِ واستراقِ النظرِ إليهِ أو خيانةَ الأعينِ على أنها مصدرٌ كالعافيةِ ﴿وَمَا تُخْفِى الصدور﴾ من الضمائرِ والأسرارِ والجملةُ خبرٌ آخرُ مثلُ يُلقي الروحَ للدِّلالةِ على أنَّه ما مِنْ خفيَ إلا وهُو متعلقُ العلمِ والجزاءِ
﴿والله يَقْضِى بالحق﴾ لأنَّه المالكُ الحاكُم على الإطلاقِ فلا يقضِي بشيءٍ إلا وهُو حقٌّ وعدلٌ ﴿والذين يَدْعُونَ﴾ يعبدونَهم ﴿مِن دُونِهِ﴾ تعالَى ﴿لاَ يَقْضُونَ بِشَىْء﴾ تهكمٌ بهم لأنَّ الجمادَ لا يُقالُ في حقِّه يقضي اولا يَقْضِي وقُرىء تَدْعُون عَلى الخطابِ التفاتاً أو على إضمارِ قُلْ ﴿إِنَّ الله هُوَ السميع البصير﴾ تقريرٌ لعلمِه تعالَى بخائنةِ الأعينِ وقضائِه بالحقِّ ووعيدٌ لهمُ على ما يقولون ويفعلون وتعريضٌ بحالِ ما يدْعونَ من دونِه
﴿أولم يَسِيرُواْ فِى الارض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي مآلُ حالِ مِن قَبْلِهِم من الأُممِ المكذبةِ لرُسلِهم كعادٍ وثمودَ وأضرابِهم ﴿كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ قدرةً وتمكناً من التصرفاتِ وإنَّما جيءَ بضميرِ الفصلِ معَ أنَّ حقَّه التوسطُ بينَ معرفتين لمضاهاة افعل من للمعرفةِ في امتناعِ دخولِ اللامِ عليهِ وقُرِىءَ أشدَّ منكم بالكاف ﴿وآثارا فِى الأرض﴾ مثلُ القلاعِ الحصينة والمدائن المنينة وقيلَ المَعْنى وأكثرَ آثاراً كقولِه متقلداً سيفاً ورُمحاً ﴿فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ﴾ أخذاً وبيلاً ﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مّنَ الله مِن وَاقٍ﴾