غافر ٤٧ ٥٠ كما رَوَىَ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه إن أرواحَهم في أجوافٍ طيرٍ سُودٍ تُعرضُ على النَّارِ بُكرةً وعشياً إلى يومِ القيامةِ وذكرُ الوقتينِ إمَّا للتخصيصِ وإمَّا فيما بينهُمَا فالله تعالَى أعلمُ بحالِهم واما للتأييد هذا ما دامتِ الدُّنيا ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة﴾ يقالُ للملائكة ﴿أدخلوا آلَ فرعونَ أشدَّ العذابِ﴾ أي عذابَ جهنَم فإنَّه أشدُّ ممَّا كانُوا فيه أو أشدّ عذابِ جهنَم فإنَّ عذابَها ألوانٌ بعضُها أشدُّ من بعضٍ وقُرىءَ ادخُلُوا من الدخولِ أي يُقالُ لهم ادخُلُوا يا آلَ فرعونَ أشدَّ العذابِ
﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِى النار﴾ أي واذكُر لقومِكَ وقتَ تخاصُمِهم فيَها ﴿فَيَقُولُ الضعفاء﴾ منهم ﴿لِلَّذِينَ استكبروا﴾ وهُم رؤساؤُهم ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تبعا﴾ اتباعا كحدم في جمعِ خَادِمٍ أو ذَوِي تبعٍ أي أتْباعٍ على إضمار المضافِ أو تَبَعاً على الوصفِ بالمصدرِ مبالغةً ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مّنَ النار﴾ بالدفعِ أو بالحملِ ونصيباً منصوبٌ بمضمرٍ يدلُّ عليه مغنونَ أي دافعونَ عنَّا نصيباً الخ أو بمغنونَ على تضمينِه مَعْنى الحملِ أي مغنونَ عنَّا حاملينَ نصيباً الخ أو نصبٌ على المصدريةِ كشيئاً في قولِه تعالَى لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم مّنَ الله شَيْئًا فإنَّه في موقعِ غَناءٍ فكذلكَ نصيباً
﴿قَالَ الذين استكبروا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا﴾ أي نحنُ وانتم فكيف نغني عنكُم ولو قَدرنا لأغنيَنا عن أنفسِنا وقُرِىءَ كُلاًّ على التأكيدِ لاسمِ إنَّ بمعنى كلنا وتنويه عوضٌ عن المضافِ إليهِ ولا مساغَ لجعلِه حالاً من المستكن في الظرف فإنَّه لا يعملُ في الحالِ المتقدمةِ كما يعملُ في الظرفِ المتقدمِ فإنَّك تقولُ كلَّ يومٍ لكَ ثوبٌ ولاَ تقولُ جديداً لك ثوبٌ ﴿إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العباد﴾ وقضى قضاء متقنا لامرد لهُ ولا معقّبَ لحُكمهِ
﴿وَقَالَ الذين فِى النار﴾ من الضعفاءِ والمستكبرينَ جميعاً لمَّا ضاقتْ حيلُهم وعيّتُ بهم عِللُهم ﴿لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ﴾ أي للقُوَّامِ بتعذيبِ أهلِ النَّارِ ووضعُ جهنمَ موضعَ الضميرِ للتهويلِ والتفظيعِ أو لبيانِ محلِّهم فيَها بأنْ تكونَ جهنمُ أبعدَ دركاتِ النار وفيها اعني الكفرةِ وأطغاهُم أو لكونِ الملائكةِ الموكلينَ بعذابِ أهلِها أقدرَ على الشفاعةِ لمزيدِ قُربهم منَ الله تعالى ﴿ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفّفْ عَنَّا يَوْماً﴾ أي مقدارَ يومٍ أو في يومٍ ما منَ الأيامِ على أنه ظرفٌ لا معيارُ شيئاً ﴿مّنَ العذاب﴾ واقتصارهُم في الاستدعاءِ على ما ذُكرَ من تخفيفِ قدرٍ يسيرٍ من العذابِ في مقدارِ قصيرٍ من الزمانِ دونَ رفعِه رأساً أو تخفيفِ قدرٍ كثيرٍ منْهُ في زمانٍ مديدٍ لأنَّ ذلكَ عندهُم مما ليسَ في حيزِ الإمكانِ ولا يكادُ يدخلُ تحتَ أَمانيِّهم
﴿قالوا﴾ أي الخزنة ﴿أولم تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بالبينات﴾


الصفحة التالية
Icon