القصص ٦ ٧ من قتلِ المعصومينَ من أولادِ الأنبياءِ عليهم الصَّلاة والسَّلام
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ﴾ أي نتفضلُ ﴿عَلَى الذين استضعفوا فِى الارض﴾ على الوجهِ المذكورِ بإنجائِهم من بأسِه وصيغةُ المضارعِ في نُريد حكايةُ حالٍ ماضيةٍ وهو معطوفٌ على إنَّ فرعونَ علا الخ لتناسبُهما في الوقوع في في حيِّزِ التَّفسيرِ للنبأ أو حالٌ من يستضعفُ بتقدير المبتدأ أي يستضعفُهم فرعونُ ونحنُ نريدُ أنْ نمنَّ عليهم وليس من ضرورةِ مقارنةِ الإرادةِ للاستضعاف مقارنةُ المرادِ له لما أنَّ تعلُّقَ الإرادةِ للمنِّ تعلق استقبال على أنَّ مِنَّةَ الله تعالى عليهم بالخلاص لمَّا كانتْ في شرفِ الوقوعِ جازَ إجراؤُها مُجرى الواقعِ المقارنِ له ووضعُ الموصولِ موضعَ الضميرِ لإبانةِ قدرِ النِّعمةِ في المنَّة بذكر حالتِهم السَّابقةِ المُباينةِ لها ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ يُقتدى بهم في أمور الدِّينِ بعد أنْ كانُوا أتباعاً مسخَّرين لآخرين ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين﴾ لجميع ما كان منتظماً في سلك مُلك فرعونَ وقومِه وراثةً معهودةً فيما بينهم كما ينبئ عنه تعريفُ الوارثينَ وتأخيرُ ذكرِ وراثتِهم له عن ذكرِ جعلِهم أئمةً مع تقدمِها عليه زماناً لانحطاطِ رُتبتها عن الإمامةِ ولئلاَّ ينفصلَ عنه ما بعده مع كونِه من روادفِه أعني قولَه تعالى
﴿وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِى الارض﴾ الخ أي نُسلطهم على مصرَ والشامِ يتصرفون فيهما كيفما يشاءون وأصلُ التمكينِ أنْ تجعلَ للشيءِ مكاناً يتمكَّنُ فيه ﴿وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وهامان وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ﴾ أي من أولئكَ المُستضعَفين ﴿مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ﴾ ويجتهدونَ في دفعه من ذهاب مُلكِهم وهُلْكِهم على يدِ مولودٍ منه وقرئ يرى بالياءِ ورفعِ ما بعده على الفاعليةِ
﴿وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى﴾ بإلهامٍ أو رُؤيا ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ ما أمكنك إخفاؤُه ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ بأنْ يحسَّ به الجيرانُ عند بكائِه وينمُّوا عليه ﴿فَأَلْقِيهِ فِي اليم﴾ في البحرِ وهو النِّيلُ ﴿وَلاَ تَخَافِى﴾ عليهِ ضيعةً بالغرقِ ولا شدَّةً ﴿وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾ عن قريبٍ بحيثُ تأمنينَ عليهِ ﴿وجاعلوه مِنَ المرسلين﴾ والجملةُ تعليلٌ للنَّهي عن الخوف والحزنِ وإيثارُ الجملةِ الاسميةِ وتصديرُها بحرفِ التَّحقيقِ للاعتناء بتحقيق مضمونِها أي إنَّا فاعلونَ لردِّه وجعلِه من المُرسلينَ لا محالةَ رُوي أنَّ بعضَ القَوَابلِ المُوكلاتِ من قبلِ فرعونَ بحَبالَى بني إسرائيلَ كانتْ مصافيةً لأمِّ موسى عليه السَّلامُ فقالتْ لها لينفعني حبُّكِ اليومَ فعالجتها فلما وقع على الأرضِ هالها نورٌ بين عينيهِ وارتعشَ كلُّ مفصلٍ منها ودخل حبُّه في قلبِها ثم قالتْ ما جئتكِ إلا لأقبلَ مولودكِ وأُخبر فرعونَ ولكنِّي وجدتُ لابنكِ في قلبي محبَّةً ما وجدتُ مثلَها لأحدٍ فاحفظيهِ فلمَّا خرجتْ جاء عيونُ فرعونَ فلفَّته في خرقةٍ فألقتْهُ في تنُّورٍ مسجورٍ لم تعلمْ ما تصنعُ لما طاشَ من عقلِها فطلبُوا فلم يلْقَوا شيئاً فخرجُوا وهي لا تدري مكانَه فسمعتْ بكاءه من التنُّور فانطلقتْ إليه وقد جعل الله تعالى النار عليه بردا وسلاما فلما ألحَّ فرعونُ في طلب الولدانِ أَوْحى الله تعالى إليها ما أَوْحى وقد رُوي أنَّها أرضعتْهُ ثلاثةَ أشهرٍ في تابوتٍ من بَرْديَ مطليَ بالقارِ من داخلِه والفاءُ في قوله تعالى


الصفحة التالية
Icon