العنكبوت ١٣ ١٦ منطوقِه يتطرَّقُ إليه باعتبارِ ما يلزمُ مدلوله كما مر في قوله تعالى أَنبِئُونِى بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صادقين
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ بيانٌ لما يستتبعه قولُهم ذلك في الآخرةِ من المضرة لأنفسِهم بعد بيانِ عدم منفعتِه لمخاطبيهم أصلاً والتَّعبيرُ عن الخطايا بالاثقال للابذان بغاية ثقلِها وكونِها فادحةً واللامُ جوابُ قَسَمٍ مضمرٍ أيْ وبالله ليحملنَّ أثقالَ أنفسِهم كاملةً ﴿وَأَثْقَالاً﴾ أُخرَ ﴿مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ لمَّا تسببُوا بالاضلالِ والحملُ على الكفرِ والمَعاصي من غيرِ أنْ ينتقص من أثقالِ من أضلُّوه شيء ما اصلا ﴿وليسألن يوم القيامة﴾ سؤالَ تقريعٍ وتبكيتٍ ﴿عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ أي يختلقونَه في الدُّنيا من الأكاذيبِ والأباطيلِ التي من جملتها كذبُهم هذا
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً﴾ شروعٌ في بيان افتتانِ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأذية أممهم إثرَ بيانِ افتتانِ المؤمنين بأذيةِ الكفَّارِ تأكيداً للإنكارِ على الذين يحسبُون أنْ يُتركوا بمجرَّدِ الإيمان بلا ابتلاءٍ وحثًّا لهم على الصَّبرِ فإنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث ابتُلوا بما أصابَهم من جهةِ أُممهم من فنونِ المكارِه وصبرُوا عليها فَلأن يصبرَ هؤلاءِ أولى وأحرى قالُوا كان عمرُ نوحٍ عليه السَّلام ألفاً وخمسين عاماً بعث على رأس أربعين سنةٍ ودعا قومَه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفانِ ستين سنة وعن وهبٍ أنَّه عاشَ ألفاً وأربعمائة سنة ولعلَّ مَا عليهِ النظمُ الكريمُ للدِّلالةِ على كمال العددِ فإن تسعمائة وخمسين قد يطلق على ما يقرُب منه ولَما في ذكرِ الألفِ من تخييلِ طولِ المدَّةِ فإنَّ المقصودَ من القصة تسلية رسول الله ﷺ وتثبيته على ما كان عليه من مُكابدةِ ما يناله من الكفرةِ وإظهارُ ركاكةِ رأي الذين يحسبونَ أنَّهم يُتركون بلا ابتلاءٍ واختلافُ المميزِ لما في التَّكريرِ من نوع بشاعةٍ ﴿فأخذهم الطوفان﴾ أي عقب تمامِ المَّدةِ المذكورةِ والطُّوفان يطلق على كل ما يطوفُ بالشيء على كثرةٍ وشدَّةٍ من السَّيلِ والرَّيحِ والظَّلامِ وقد غلب على طُوفانِ الماءِ ﴿وَهُمْ ظالمون﴾ أي والحالُ أنَّهم مستمرُّون على الظُّلمِ لم يتأثَّروا بما سمعُوا من نوحٍ عليه السَّلام من الآياتِ ولم يرعَوُوا عمَّا هُم عليهِ من الكفر والمعاصي هذه المدَّة المتماديةِ
﴿فأنجيناه﴾ أي نوحاً عليهِ السَّلام ﴿وأصحاب السفينة﴾ أي ومَن ركب فيها معه من أولادِه وأتباعِه وكانُوا ثمانين وقيل ثمانيةً وسبعين وقيل عشرةً وقيل ثمانيةً نصفُهم ذكورٌ ونصفُهم إناثٌ ﴿وجعلناها﴾ أيِ السَّفينةَ أو الحادثةَ والقصَّةَ ﴿آيَةً للعالمين﴾ يتَّعظِون بها
﴿وإبراهيم﴾ نُصب بالعطفِ على نوحا وقيل