الروم ١٦ ١٨ يُنعَّمون وعن ابن كيسانَ يُحلَّون وعن بكر بن عياش التيجان على رءوسهم وعن وكيعٍ السَّماعُ في الجَّنةِ وعنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم أنَّه ذكَر الجنَّةَ وما فيها من النعيمِ وفي آخرِ القومِ أعرابيُّ فقالَ يا رسولَ الله هَلْ في الجَّنةِ من سماعٍ قال ﷺ يا أعرابيُّ إنَّ في الجنة لنهرا حافتاه لابكار من كلِّ بيضاءَ خُوصانيةِ يتغنَّين بأصواتٍ لم يسمعِ الخلائقُ بمثلِها قَطّ فذلكَ أفضلُ نعيمِ الجنَّةِ قال الرَّاوي فسألتُ أبا الدرداءِ رضي الله عنه بمَ يتغنَّين قال بالتَّسبيحِ ورُوي إنَّ في الجنَّةِ لأشجاراً عليها أجراسٌ من فضَّةٍ فإذا أرادَ أهلُ الجَّنةِ السَّماعَ بعثَ الله تعالى ريحاً من تحتِ العرشِ فتقعُ في تلكَ الأشجارِ فتحركُ تلك الأجراسَ بأصواتٍ لو سمعها أهلُ الدُّنيا لماتُوا طرباً
﴿وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا﴾ التي من جُمْلتِها هذهِ الآياتُ الناطقةُ بما فُصِّل ﴿وَلِقَاء الاخرة﴾ صرَّح بذلك مع اندارجه في تكذيبِ الآياتِ للاعتناءِ بأمرِه وقولُه تعالى ﴿فَأُوْلَئِكَ﴾ إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة من الكفر والتكذيب بآياتِه تعالى وبلقاءِ الآخرةِ للإيذانِ بكمالِ تميُّزِهم بذلكَ عن غيرِهم وانتظامِهم في سلكِ المُشاهداتِ وما فيهِ من معنى البعد مع قرب العهد بالمشارِ إليهِ للإشعارِ ببُعدِ منزلتِهم في الشرِّ أي أولئكَ الموصوفونَ بما فُصِّل من القبائحِ ﴿فِى العذاب مُحْضَرُونَ﴾ على الدّوام لا يغيبونَ عنه أبداً
﴿فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ﴿وَلَهُ الحمد في السماوات والارض وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ إثرَ ما بُيِّن حالُ فربقي المؤمنينَ العاملينَ للصالحاتِ والكافرينَ المكذِّبينَ بالآياتِ وما لهُما من الثَّوابِ والعذابِ أُمروا بما يُنجِّي من الثَّاني ويُفضِي إلى الأول من تنزيهِ الله عزَّ وجلَّ عن كل مالا يليقُ بشأنِه سبحانَهُ ومن حمدِه تعالى على نعمِه العظامِ وتقديمُ الأولِ على الثَّاني لما أنَّ التخليةَ متقدِّمةٌ على التَّحليةِ والفاءُ لترتيب ما بعدها على ما قبلَها أي إذا علمتُم ذلك فسبِّحوا الله تعالى أي نزِّهُوه عمَّا ذكر سبحانَهُ أي تسبيحَه اللائق في هذه الأوقاتِ واحمدُوه فإنَّ الإخبارَ بثبوتِ الحمدِ له تعالى ووجوبِه على المميِّزينَ من أهلِ السَّمواتِ والأرضِ في معنى الأمرِ به على أبلغِ وجهٍ وآكدِه وتوسيطُه بينَ أوقاتِ التَّسبيحِ للاعتناءِ بشأنِه والإشعارِ بأنَّ حقَّهما أنْ يُجمعَ بينَهما كما ينبيءُ عنه قولُه تعالى وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وقولُه تعالى فَسَبّحْ بحمد ربك وقوله ﷺ من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمدِه مائةَ مرَّةٍ حُطَّت خطاياهُ وإنْ كانتْ مثلَ زبد البحر وقوله ﷺ من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمدِه مائةَ مرَّةٍ لم يأتِ أحدٌ يومَ القِيامةِ بأفضلَ ممَّا جاءَ بهِ إلا أحدٌ قالَ مثلَ ما قال اوزاد عليه وقوله ﷺ كلمتانِ خفيفتانِ على اللَّسانِ ثقيلتانِ في الميزانِ سبحانَ الله وبحمدِه سبحانَ الله العظيمِ وغيرُ ذلكَ ممَّا لا يُحصى من الآياتِ والأحاديثِ وتخصيصُهما بتلكَ الأوقاتِ للدلالة على أن ما يحدثُ فيها من آياتِ قدرته واحكام