الروم ٢٦ ٢٧ بل قيامَهما واستمرارَهما على ما هُما عليه إلى أجلهما الذي نطقَ به قوله تعالى فيما قبل ما خلق السموات والأرض وما بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وحيث كانتْ هذه الآيةُ متأخرةً عن سائرِ الآياتِ المعدودةِ متَّصلةً بالبعثِ في الوجودِ أُخرت عنهنَّ وجُعلت متَّصلةً به في الذِّكرِ أيضاً فقيلَ ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ الارض إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ فإنه كلامٌ مسوق للاخبار بوقوعِ البعثِ ووجودِه بعد انقضاء أجل قيامِهما مترتِّب على تعداد آياتِه الدَّالَّةِ عليه غير منتظمٍ في سلكها كما قيا كأنَّه قيل ومن آياتِه قيامُ السَّمواتِ والأرضِ على هيآتهما بأمرِه تعالى إلى أجل مسمى قدره الله تعالى لقيامِهما ثمَّ إذا دعاكم أي بعد انقضاءِ الأجلِ من الأرض وأنتُم في قبورِكم دعوة واحدة بأنْ قال أيُّها الموتى اخرجُوا فاجأتم الخروجَ منها وذلك قولُه تعالى يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الداعى ومن الأرضِ متعلق بدعاكُم إذ يكفي في ذلك كون المدعوِّ فيها يقال دعوته من أسفلِ الوادِي فطلع إليَّ لا بتخرجون لأنَّ ما بعد إذا لا يعملُ فيما قبلَها
﴿وَلَهُ﴾ خاصة ﴿مَن فِى السماوات والارض﴾ من الملائكةِ والثَّقلين خَلقاً ومُلكاً وتصرُّفاً ليس لغيره شركة في ذلك بوجهٍ من الوجوه ﴿كُلٌّ لَّهُ قانتون﴾ أي منقادُون لفعله لا يمتنعون عليه في شأن من شئونه تعالى
﴿وَهُوَ الذى يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ بعد موتِهم وتكريره لزياة التَّقريرِ والتَّمهيدِ لما بعده من قولِه تعالى ﴿وَهُوَ أهون عليه﴾ أي بإضافة إلى قُدَرِكم والقياس على أصولِكم وإلا فُهما عليه سواءٌ وقيل أهونُ بمعنى هَيِّنٌ وتذكير الضمير مع رجوعِه إلى الإعادة لما أنَّها مؤَّولةٌ بأنْ يُعيد وقيل هو راجعٌ إلى الخلقِ وليس بذاك وأما ما قيل من أن الإنشاء بطريقِ التَّفضل الذي يتخيَّر فيه الفاعلُ بين الفعل والتَّرك والإعادةُ من قبيلِ الواجبِ الذي لا بدَّ من فعله حتماً فكان أقربَ إلى الحصولِ من الإنشاءِ المترددِ بين الحصولِ وعدمِه فبمعزلٍ من التَّحصيل إذ ليس المرادُ بأهونيةِ الفعل أقربيَّتَه إلى الوجود باعتبار كثرةِ الأمورِ الدَّاعية للفاعل إلى إيجادِه وقوَّة اقتضائها لتعلق قدرته به بل أسهلية تأتَّيه وصدوره عنه بعد تعلق قدرته بوجوده وكونِه واجباً بالغيرِ ولا تفاوتَ في ذلك بين أنْ يكون ذلك التعليق بطريق الإيجابِ أو بطريقِ الاختيارِ ﴿وَلَهُ المثل الاعلى﴾ أي الوصفُ الأعلى العجيبُ الشأنِ من القدرة العامَّةِ والحكمة التَّامةِ وسائر صفاتِ الكمال التي ليس لغيرِه ما يُدانيها فضلاً عمَّا يساويها ومن فسره بقول لا إله إلا الله اراد به الوصف بالواحدانية ﴿في السماوات والارض﴾ متعلق بمضمونِ الجملة المتقدِّمةِ على معنى أنَّه تعالى قد وُصف به وعُرف فيهما على ألسنةِ الخلائقِ وألسنةِ الدَّلائلِ وقيل متعلق بالا على وقيلَ بمحذوفٍ هُوَ حالٌ منه أو من المثل أو من ضميرِه في الأعلى ﴿وَهُوَ العزيز﴾ القادر الذي لا يعجزُ عن بدء ممكن واعادته