السجدة ٢٠ ٢٣ التي هي مأواهم في الدُّنيا ﴿نُزُلاً﴾ أي ثواباً وهو في الأصلِ ما يعد النازل من الطَّعامِ والشَّرابِ وانتصابُه على الحاليَّةِ ﴿بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ في الدُّنيا من الأعمالِ الصالحةِ أو بأعمالِهم
﴿وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ﴾ أي خرجُوا عن الطَّاعةِ ﴿فَمَأْوَاهُمُ﴾ أي ملجؤهم ومنزلُهم ﴿النار﴾ مكانَ جنَّاتِ المأوى للمؤمنينَ ﴿كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَا أُعِيدُواْ فيها﴾ اسئناف لبيانِ كيفيةِ كونِ النَّارِ مأواهم يُروى أنَّه يضربُهم لهَبُ النَّارِ فيرتفعونَ إلى طبقاتِها حتَّى إذا قربُوا من بابِها وأرادُوا أنْ يخرجُوا منها يضربُهم اللَّهبُ فيهوون إلى قعرِها وهكذا يُفعل بهم أبداً وكلمةُ فِي للدِّلالةِ على أنَّهم مستقرُّون فيها وإنَّما الإعادةُ من بعضِ طبقاتِها إلى بعضٍ ﴿وَقِيلَ لَهُمْ﴾ تشديداً عليهم وزيادةً في غيظِهم ﴿ذُوقُواْ عَذَابَ النار الذي كُنتُمْ بِهِ﴾ أي بعذابِ النَّارِ ﴿تُكَذّبُونَ﴾ على الاستمرارِ في الدُّنيا
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ العذاب الادنى﴾ أي عذابِ الدُّنيا وهو ما مُحِنُوا به من السَّنةِ سبعَ سنينَ والقتلِ والأسرِ ﴿دُونَ العذاب الأكبر﴾ الذي هُو عذابُ الآخرةِ ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ لعلَّ الذين يُشاهدونه وهُم في الحياةِ ﴿يَرْجِعُونَ﴾ يتوبُون عن الكفرِ رُوي أن الوليدَ بنَ عُقبةَ فاخرَ عليًّا رضيَ الله عنه يومَ بدرٍ فنزلتْ هذه الآياتُ
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكّرَ بآيات رَبّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ بيانٌ إجماليٌّ لحالِ مَنْ قابلَ آياتِ الله تعالى بالإعراضِ بعد بيانِ حالِ مَن قابلها بالسُّجودِ والتَّسبيحِ والتَّحميدِ وكلمةُ ثمَّ لاستبعادِ الإعراضِ عنها عقلاً مع غاية وضوحها وإرشادها إلى سعادةِ الدَّارينِ كما في بيتِ الحماسةِ وَلاَ يَكْشِفُ الغَمَّاءَ إِلاَّ ابْنُ حُرَّة يَرَى غَمَراتِ المَوْتِ ثُمَّ يزُورُها أيْ هُو أظلمَ منْ كل ظالم وإنْ كانَ سبكُ التركيبِ على نفيِ الأظلمِ من غيرِ تعرضٍ لنفْي المساوي وقد مرَّ مراراً ﴿إِنَّا مِنَ المجرمين﴾ أي من كلُّ منِ اتَّصف بالإجرامِ وإنْ هانتْ جريمتُه ﴿مُنتَقِمُونَ﴾ فكيفَ ممَّن هُو أظلمَ منْ كلِّ ظالم وأشر جُرماً من كلِّ مجرم
﴿ولقد آتينا موسى الكتاب﴾ أي التوراة عبَّر عنها باسمِ الجنسِ لتحقيقِ المجانسةِ بينها وبينَ الفرقان والتنبيه أنَّ إيتاءَه لرسولِ الله ﷺ كإبنائها لمُوسى عليهِ السَّلامُ ﴿فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ مّن لّقَائِهِ﴾ من لقاءِ الكتابِ الذي هو الفُرقان كقوله وإنك لتلقَّى القرآنَ والمعنى إنَّا آتينا مُوسى مثلَ ما آتيناك من الكتابِ ولقَّيناه من الوحيِ مثلَ ما لقَّيناك من الوحيِ فلا تكُن في شكَ من أنَّك لقيتَ مثلَه ونظيرَه وقيل من لقاءِ مُوسى الكتاب أو من لقائك موسى وعنه ﷺ رأيتُ ليلة أُسري بي مُوسى رجلاً آدَمَ طُوالاً وجعدا كأنه من رجال شنوأة ﴿وجعلناه﴾ أي