الأحزاب ٧٦ إليهم وخُصُّوهم بهم وقولُه تعالى ﴿هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله﴾ تعليلٌ له والضَّميرُ لمصدرِ ادعُوا كما في قولِه تعالى اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى وأقسطُ أفعلُ قُصد به الزيادةَ مطلقاً من القسطِ بمعنى العدلِ أي الدُّعاء لآبائِهم بالغٌ في العدلِ والصِّدقِ في حُكمِ الله تعالى وقضائِه ﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُم﴾ فتنسبُوهم إليهم ﴿فَإِخوَانُكُمْ﴾ فهم إخوانُكم ﴿فِى الدين ومواليكم﴾ وأولياؤكم فيه أي فادعُوهم بالاخوة الدينية والمولوبة ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ أي إثمٌ ﴿فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ أي فيما فعلتمُوه من ذلك مخطئينَ بالسَّهوِ أو النِّسيانِ أو سبقِ اللِّسانِ ﴿ولكن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أي ولكن الجناحُ فيما تعمَّدت قلوبُكم بعد النَّهي أو ما تعمَّدت قلوبُكم فيه الجناحَ ﴿وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ لعفوهِ عن المخطئ وحكمُ التبنِّي بقولِه هو ابني إذا كان عبداً للفائل العتقِ على كلِّ حالٍ ولا يثبُت نسبُه منه إلاَّ إذا كان مجهولَ النَّسبِ وكان بحيثُ يُولد مثلُه لمثلِ المتبنِّي ولم يُقرَّ قبله بنسبِه من غيرهِ
﴿النبى أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ أي في كلِّ أمرٍ من أمورِ الدِّينِ والدُّنيا كما يشهدُ به الإطلاق فيجب عليه ان يكون ﷺ أحبَّ إليهم من أنفسِهم وحكمُه أنفذَ عليهم من حكمِها وحقُّه آثرَ لديهم من حقوقِها وشفقتُهم عليه أقدمَ من شفقتِهم عليها روى انه ﷺ أراد غزوةَ تبوكَ فأمرَ الناس بالخروج فقال ناس نستأذنُ آباءَنا وأُمَّهاتِنا فنزلتْ وقرئ وهو أبٌ لهم أي في الدِّينِ فإنَّ كلَّ نبيَ أبٌ لأمَتهِ من حيثُ إنَّه أصلٌ فيما به الحياة الأبدية ولذلك صار المؤمنون إخوةً ﴿وأزواجه أمهاتهم﴾ أي منزلات منزلَة الأمَّهاتِ في التَّحريمِ واستحقاقِ التَّعظيمِ وأما فيما عَدا ذلك فهنَّ كالأجنبياتِ ولذلك قالتْ عائشةَ رضيَ الله عنها لسنا أُمَّهاتِ النِّساءِ ﴿وَأُوْلُو الأرحام﴾ أي ذو القراباتِ ﴿بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ﴾ في التَّوارث وهو نسخٌ لما كان في صدرِ الإسلام من التوارث بالهجرةِ والمُوالاة في الدِّينِ ﴿فِى كتاب الله﴾ في اللَّوح أو فيما أنزلَه وهو هذه الآيةُ أو آيةُ المواريثِ أو فيما فرضَ الله تعالى ﴿مِنَ المؤمنين والمهاجرين﴾ بيانٌ لأولي الأرحامِ أو صلةٌ لأُولي أي أولُو الأرحامِ بحقِّ القرابةِ أَولى بالميراثِ من المؤمنينَ بحقِّ الدِّينِ ومن المهاجرينَ بحقِّ الهجرةِ ﴿إِلاَّ أَن تَفْعَلُواْ إلى أَوْلِيَائِكُمْ مَّعْرُوفاً﴾ استثناء من أعمِّ ما تُقدَّرُ الأولويَّةُ فيهِ من النَّفعِ والمرادُ بفعلِ المعروفِ التَّوصيةُ أو منقطع ﴿كَانَ ذلك فِى الكتاب مَسْطُورًا﴾ أي كانَ مَا ذُكر من الآيتينِ ثابتاً في اللَّوحِ أو القُرآنِ وقيل في التوارة
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ﴾ أي اذكُر وقتَ أخذنا من النبيينَ كافَّةَ عهودِهم بتبليغِ الرِّسالةِ والدُّعاءِ إلى الدِّينِ الحقِّ ﴿وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وإبراهيمُ وموسى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ﴾ وتخصيصُهم بالذكر مع