٥ ٧ بعضٌ منْ وراءِ هذهِ وبعضٌ منْ وراءِ تلكَ فأسندَ فعلَ الأبعاضِ إِلى الكُلَّ وقدْ جُوِّز أنْ يكُونوا قدْ نادَوُه منْ وراءِ الحجرةِ التِّي كانَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فيها ولكنها جمعت إجلال له عليه الصلاة والسلام وقيلَ إنَّ الذَّي ناداهُ عيينةَ بنَ حصنٍ الفزاريَّ والأقرعُ بْنُ حابسٍ وَفَدا على رسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم في سبعينَ رجُلاً منْ بنِي تميمٍ وقتَ الظهيرةِ وهُوَ راقدٌ فقالاَ يا محمدُ اخرجْ إلينَا وإنَّما أسندَ النداءَ إلى الكُلِّ لأنَّهم رضُوا بذلكَ أوْ أمروا به لأَنَّه وجدَ فيَما بينَهمْ ﴿أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ إذْ لَوْ كانَ لهُم عقلٌ لمَا تجاسرُوا عَلى هذهِ المرتبةِ منْ سُوءِ الأدبِ
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حتى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ﴾ أيْ وَلَوْ تحققَ صبرُهُم وانتظارُهُم حتَّى تخرجَ إليهمْ فإنَّ أَنَّ وَإِنْ دلت بَما في حيزهَا عَلى المصدرِ لكِنَّها تفيدُ بنفسِها التحققَ والثبوتَ الفرق البينِ بينَ قولِك بَلَغني قيامُك وبلغني أنَّك قائمٌ وحَتَّى تفيدُ أنَّ الصبرَ ينبغِي أنْ يكونَ مُغياً بخروجِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فإنَّها مختصةٌ بمَا هُوَ غاية للشئ في نفسِه ولذلكَ تقولُ أكلتُ السمكةَ حتَّى رَأْسَهَا وَلا تقولُ حتَّى نصفَها أو ثلثَها بخلافِ إِلى فإنَّها عامَّةٌ وفي إليهمْ إشعارٌ بأنَّه لوْ خرجَ لاَ لأجلِهم ينبغِي أَنْ يصبرُوا حَتَّى يفاتحهَم بالكلامِ أوْ يتوجَّهَ إليهِم ﴿لَكَانَ﴾ أي الصبرُ المذكورُ ﴿خَيْراً لَّهُمْ﴾ منِ الاستعجالِ لِما فيهِ منْ رعايةِ حُسنِ الأدبِ وتعظيمِ الرسولِ الموجبَينِ للثناء والثواب والإسعاف بالمسؤل إذْ رُوي أنَّهم وفدُوا شافعينَ في أُسارَى بنِي العَنْبرِ فأطلقَ النصفَ وفادَى النصفَ ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ بليغُ المغفرةِ والرحمةِ واسعُهما فلنْ يضيقَ ساحتُهما عنْ هؤلاءِ إنْ تابُوا وَأصلحُوا
﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ﴾ أيْ فتعرفُوا وتفحصُوا روي أنه عليه الصلاةُ والسلام بعث الوليد ابن عُقبةَ أخَا عثمانُ رضيَ الله عنْهُ لأُمهِ مُصدِّقاً إلى بَني المُصطلِق وكانَ بيَنهُ وبينَهمْ إِحْنَةٌ فلمَّا سمعُوا بهِ استقبلُوه فحسبَ أنَّهم مقاتلُوه فرجعَ وقالَ لرسول الله ﷺ قدِ ارتدُوا ومنعُوا الزكاةَ فَهمَّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ بقتالِهم فنزلتْ وقيلَ بعثَ إليهم خالدَ بنَ الوليدَ فوجدهُم منادينَ بالصلاةِ متهجدينَ فسلمُوا إليهِ الصدقاتِ فرجعَ وفي ترتيبِ الأمرِ بالتبينِ عَلى فسقِ المُخبرِ إشارةٌ إلى قبولِ خبرِ الواحدِ العدلِ في بعضِ الموادِّ وقرئ فتثبتُوا أيْ توقفُوا إلى أنْ يتبينَ لكُم الحالُ ﴿أن تصيبوا﴾ حذارا أنْ تصيبُوا ﴿قَوْمَا بِجَهَالَةٍ﴾ ملتبسينَ بجهالةِ حالِهم ﴿فَتُصْبِحُواْ﴾ بعدَ ظهورِ براءتِهم عَمَّا أُسندَ إليهمْ ﴿على مَا فَعَلْتُمْ﴾ في حَقِّهم ﴿نادمين﴾ مغتمينَ غماً لازماً متمنينَ أنَّه لم يقعْ فإنَّ تركيبَ هذهِ الأَحْرُفِ الثلاثةِ يدورُ معَ الدوامِ
﴿واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله﴾