} ٦ ٣ {
﴿مَّنْ خَشِىَ الرحمن بالغيب وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ بدلٌ بعدَ بدلٍ أو بدلٌ منْ موصوفِ أوابٍ ولا يجوزُ أنْ يكونَ فِي حُكْمِهِ لأنَّ مَنْ لا يوصفُ بهِ ولا يوصفُ إلاَّ بالَّذي أو مبتدأٌ خبرُهُ
﴿ادخلوها﴾ بتأويلِ يقالُ لَهُمْ ادخلوها والجمع باعبتار معنى من قوله تعالى بالغيبِ متعلقٌ بمحذوفٍ هو حال من فاعل خشيَ أو مفعولِه أو صفةٌ لمصدرِه أي خشيةً ملتبسةً بالغيبِ حيثُ خشِيَ عقابة وهو غائبٌ عنِ الأعينِ لا يراهُ أحدٌ والتعرضُ لعنوانِ الرحمانيةِ للإشارةِ بأنَّهمْ معَ خشيتِهم عقابَهُ راجونَ رحمتَهُ أوْ بأنَّ علمَهُم بسعةِ رحمته تعالى لايصدهم عنْ خشيتِه تعالَى وأنَّهم عاملونَ بموجبِ قولُه تعالَى نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الأليم ووصفُ القلبِ بالإنابة لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى ﴿بِسَلامٍ﴾ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوهَا أيْ ملتبسينَ بسلامةٍ منَ العذابِ وزوالِ النعمِ أو بسلامٍ من جهةِ الله تعالَى وملائكتِه ﴿ذلك﴾ إشارةٌ إلى الزمانِ الممتدِّ الذي وقعَ فِي بعضٍ منْهُ ما ذُكِرَ منَ الأمورِ ﴿يَوْمُ الخلود﴾ إذْ لا انتهاءَ لهُ أبداً
﴿لهم ما يشاؤون﴾ منْ فنونِ المَطَالبِ كائناً ما كانَ ﴿فِيهَا﴾ متعلقٌ بيشاؤن وقيلَ بمحذوفٍ هُوَ حالٌ منَ الموصولِ أو مِنْ عائدِه المحذوفِ منْ صلتِه ﴿ولدينا مزيد﴾ هو مالا يخطُرُ ببالِهم ولا يندرجُ تحتَ مشيئتِهم مِنْ معالِي الكراماتِ التي لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطر على قلب بشر وقيل إن السحاب تمرُّ بأهلِ الجنةِ فتمطرُهم الحُورَ فتقولُ نحنُ المزيدُ الذي قالَ تعالَى ولدينَا مزيدٌ
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ﴾ أي قبلَ قومِك ﴿مّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً﴾ أي قوةً كعادٍ وَأَضْرابِها ﴿فَنَقَّبُواْ فِى البلاد﴾ أيْ خرقُوا فيَها ودوخُوا وتصرفُوا في أقطارِها أو جالُوا في أكنافِ الأرضِ كُلَّ مجالٍ حذارَ الموتِ وأصلُ التنقيبِ والنقبِ التنقيرُ عنِ الأمرِ والبحثُ والطلبُ والفاءُ للدِلالة على أنَّ شدةَ بطشِهم أقدرتْهُمْ عَلى التنقيبِ قيلَ هيَ عاطفةٌ في المَعَنى كأنَّه قيلَ اشتدَّ بطشُهم فنقبُوا الخ وَقُرِىءَ بالتخفيفِ ﴿هَلْ مِن مَّحِيصٍ﴾ أيْ هَلْ لهُمْ منْ مُخَلِّصٍ مَنْ أمرِ الله تعالَى والجملةُ إمَّا عَلى إضمارِ قولٍ هُو حالٌ منْ واوِ نقَّبُوا أيْ فنقَّبُوا فِي البلادِ قائلينَ هَلْ منْ محيصٍ أوْ عَلى إجراءِ التنقيبِ لِما فيهِ منْ مَعْنى التتبعِ والتفتيشِ مُجَرى القولِ أوْ هُوَ كلامٌ مستأنفٌ واردٌ لنفي أنْ يكونَ لَهُم محيصٌ وقيلَ ضميرُ نقَّبُوا لإهلِ مكةَ أيْ سارُوا في مسايرِهم وأسفارِهم في بلادِ القرونِ فَهلْ رَأَوا لهُمْ محيصاً حَتَّى يُؤمِّلُوا مثَلُه لأنفسِهم ويعضدُهُ القراءةُ عَلى صيغةِ الأمِرَ وقُرِىءَ فنقِّبُوا بكسرِ القافِ من النقَبِ وهُوَ أنْ ينتقبَ خفُّ البعيرِ أيْ أَكْثروا السيرَ حَتَّى نقِبتْ أقدامُهم أو أخفافُ إبلِهم


الصفحة التالية
Icon