} ٧ ٤ {
﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ﴾ أي فيمَا ذُكر من قصَّتهم وقيلَ فيَما ذكرَ في السورةِ ﴿لِذِكْرِى﴾ لتذكرةً وعِظةً ﴿لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أيْ قلبٌ سليمٌ يدركُ به كُنْهَ ما يشاهدُه منِ الأمورِ ويتفكرُ فيَها كما ينبغِي فإنَّ مَنْ كانَ له ذلكَ يعلمُ أنَّ مدارَ دمارِهم هُو الكفرُ فيرتدعُ عَنْهُ بمجردِ مشاهدةِ الآثارِ من غيرِ تذكيرٍ ﴿أَوْ أَلْقَى السمع﴾ أيْ إلى مَا يُتلى عليهِ منَ الوحيِ النَّاطقِ بما جرَى عليهمْ فإنَّ منْ فعلَهُ يقفْ عَلى جلية الأمر فيزجر عَمَّا يؤدَّي إليهِ منَ الكفرِ فكلمةُ أَوْ لمنعِ الخلوِّ دونَ الجمعِ فإنَّ إلقاءَ السمعِ لا يُجدِي بدونِ سلامةِ القلبِ كَما يلوحُ بهِ قولُه تعالَى ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أيْ حاضرٌ بفطنتهِ لأنَّ منْ لاَ يَحْضُرُ ذهنُهُ فكأنَّه غائبٌ وتجريدُ القلبِ عما ذكرَ من الصفاتِ للإيذانِ بأنَّ منْ عُرِّيَ قلبُه عَنْهَا كمَنْ لاَ قلبَ لَهُ أصلا
﴿ولقد خلقنا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ منْ أصنافِ المخلوقاتِ ﴿فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا﴾ بذلكَ معَ كونِه ممَّا لا يَفِي بهِ القُوَى وَالقُدَرُ ﴿مِن لُّغُوبٍ﴾ مِنْ إعياءٍ مَا ولاَ تعبٍ في الجملةِ وهَذَا ردٌّ علَى جَهَلةِ اليهودِ في زعمِهم أنه تعالى بدأخلق العالمِ يومَ الأحدِ وفرَغَ منْهُ يومَ الجمعةِ واستراحَ يومَ السبتِ واستلقَى على العرشِ سبحانَهُ وتعالَى عمَّا يقولونَ عُلوَّا كبيراً
﴿فاصبر على مَا يَقُولُونَ﴾ أيْ ما يقولُه المشركونَ في شأنِ البعثِ منَ الأباطيلِ المبنيةِ عَلى الإنكارِ والاستبعادِ فإنَّ مَنْ فعلَ هذهِ الأفاعيلَ بلا فتورٍ قادرٌ عَلى بعثِهم والانتقامِ منهُمْ أوْ ما يقولُه اليهودَ منْ مقالاتِ الكفرِ والتشبيهِ ﴿وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ﴾ أيْ نَزِّهَهُ تعالَى عنِ العجزِ عَمَّا يمكُن وَعَنْ وقوعِ الخُلفِ في أخبارِه التي مِن جُملتِها الإخبارُ بوقوعِ البعثِ وعنْ وصفهِ تعالَى بما يوجبُ التشبيَه حَامداً له تعالَى عَلى ما أنعمَ به عليكَ من إصابةِ الحقِّ وغيرِهَا ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب﴾ هُمَا وقتُ الفجرِ والعصرِ وفضيلتُهما مشهورةٌ
﴿ومن الليل فَسَبّحْهُ﴾ وسَبِّحْهُ بعضَ الليلِ ﴿وأدبار السجود﴾ وأعقابّ الصلواتِ جمع دبر وقرئ بالكسرِ مِنْ أدبرتِ الصلاةُ إذَا انقضتْ وتمتْ ومعناهُ وقتُ انقضاءِ السجودِ وقيلَ المرادُ بالتسبيحِ الصلواتُ فالمَرادُ بما قبلَ الطلوعِ صلاةُ الفجرِ وبما قبلَ الغروبِ الظهرُ والعصرُ وبمَا مِنَ الليلِ العشاءانِ والتهجدُ ومَا يصلَّى بأدبار السجودِ النوافلُ بعدَ المكتوباتِ
﴿واستمع﴾ أيْ لما يُوحَى إليكَ من أحوالِ القيامةِ وفيهِ تهويلٌ وتفظيعٌ للمخَبرِ به ﴿يوم يناد المناد﴾ أيْ إسرافيلُ أوْ جبريلُ عليهَما السلامُ فيقولُ أيتَها العظامُ الباليةُ واللحومُ المتمزقةُ والشعورُ المتفرقةُ إنَّ الله يأمركُنَّ أنْ تجتمعنَ لفصلِ القضاءِ وقيلَ إسرافيلُ ينفخُ وجبريل ينادى بالحشر ﴿مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ بحيث يصلُ


الصفحة التالية
Icon