} ٣ ٢٦
﴿قالوا﴾ اى المسؤلون وهم كلُّ واحدٍ منهم في الحقيقةِ ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ﴾ أي في الدُّنيا ﴿فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾ أرقاءَ القلوبِ خائفينَ من عصيانِ الله تعالى معتنين بطاعتِه أو وجلين من العاقبةِ
﴿فَمَنَّ الله عَلَيْنَا﴾ بالرحمةِ أو التوفيقِ للحقِّ ﴿ووقانا عَذَابَ السموم﴾ عذابَ النارِ النافذةِ في المسامِّ نفوذَ السمومِ وقُرىءَ ووقَّانا بالتشديدِ
﴿إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ﴾ أيْ نعبدُه أو نسألُه الوقايةَ ﴿إِنَّهُ هُوَ البر﴾ المحسنُ ﴿الرحيم﴾ الكثيرُ الرحمةِ الذي إذا عُبدَ أثابَ وإذا سُئلَ أجابَ وقُرِىءَ أنَّه بالفتحِ بمَعْنى لأَنَّه
﴿فَذَكّرْ﴾ فاثبُت على ما أنتَ عليهِ من التذكيرِ من التذكير بما أُنزلَ إليك من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ ولا تكترثْ بما يقولونَ مما لا خيرَ فيه من الأباطيل ﴿فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ﴾ بحمدِه وإنعامِه بصدقِ النبوةِ ورجاحةِ العقلِ ﴿بكاهن وَلاَ مَجْنُونٍ﴾ كما يقولونَ قاتلهم الله أنَّي يُؤفكون
﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نتربّصُ بِهِ رَيْبَ المَنون﴾ وهو ما يقلقُ النفوسَ ويشخصُ بَها من حوادثِ الدهرِ وقيلَ المنونُ الموتُ وهو في الأصل فعول من منه إذا قطَعُه لأنَّ الموتَ قطوعٌ أي بلَ أيقولونَ ننتظرُ به نوائبَ الدهرِ
﴿قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّى مَعَكُمْ مّنَ المتربصين﴾ أتربصُ هلاككُم كما تتربصونَ هلاكيَ وفيه عِدةٌ كريمةٌ بإهلاكِهم
﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أحلامهم﴾ أي عقولُهم ﴿بهذا﴾ أي بهذا التناقضِ في المقالِ فإن الكاهن يكون ذا فظنة ودقةٍ نظرِ في الأمورِ والمجنون المغطى عقلُه مختلٌّ فكرُهُ والشاعرَ ذُو كلامٍ موزونٍ متسقٍ مخيلٍ فكيفَ يجتمعُ أوصافُ هؤلاءِ في واحدٍ وأمرُ الأحلام بذلك مجازعن أدائِها إليهِ ﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ مجاوزونَ الحدودَ في المكابرةِ والعنادِ لا يحرمون الرشدِ والسَّدادِ ولذلك يقولونَ ما يقولونَ من الأكاذيبِ الخارجةِ عن دائرةِ العقولِ والظنون وقرئ بَلْ هُمْ
﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ أي اختلقَهُ من تلقاءِ نفسِه ﴿بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾ فلكفرهم وعنادِهم يرمونَ بهذه الأباطيل التي لا يخفى على أحدٍ بطلانُها كيف لا وما رسول الله ﷺ إلا واحدٌ من العربِ فكيف أتى بما عجزَ عنه كافةٌ الأممِ من العربِ والعجمِ