} ٤ ١٠
المقدارُ وقيلَ فكانَ جبريلَ عليهِ السَّلامُ كَما في قولكَ هو مِنِّي معقدُ الإزارِ ﴿أَوْ أدنى﴾ أيْ عَلى تقديرِكم كَما في قوله تعالى أويزيدون والمرادُ تمثيلُ ملَكةِ الاتصالِ وتحقق استماعِه لما أُوحيَ إليه بنفِي البُعدِ المُلبسِ
﴿فأوحى﴾ أي جبريلَ عليهِ السَّلامُ ﴿إلى عَبْدِهِ﴾ عبدِ الله تعالَى وإضمارُه قبلَ الذكرِ لغايةِ ظُهورِه كَما في قوله تعالى ما ترك على ظرهها ﴿مَا أوحى﴾ أيْ من الأمورِ العظيمةِ التي لا تَفِي بها العبارةُ أو فأَوْحَى الله تعالى حينئذٍ بواسطةِ جبريلَ ما أَوْحى قيلَ أَوْحى إليهِ أنَّ الجنةَ محرمةٌ على الأنبياءِ حتى تدخلَها وعلى الأممِ حتى تدخلَها أمتكَ
﴿مَا كَذَبَ الفؤاد﴾ أي فؤادُ محمَّدٍ عليهِ الصَّلاة والسَّلام ﴿مَا رأى﴾ أي ما أراه ببصرِه من صورةِ جبريلَ عليهما السَّلامُ أي ما قال فؤداه لما رآهُ لم أعرفْكَ ولو قال ذلك لكنا كاذباً لأنه عرفَهُ بقلبِه كما رآهُ ببصرِه وقُرىءَ ما كذَّب أي صدَّقَهُ ولم يشك أن جبريلُ بصورتِه
﴿أفتمارونه على مَا يرى﴾ أي أتكذبونَهُ فتجادلونه على ما يراهُ مُعاينةً أو أبعدَ ما ذُكر من أحوالِه المنافيةِ للمماراةِ تمارونَهُ من المراءِ وهو الملاحاةُ والمجادلةُ واشتقاقُه من مَرَى الناقةَ كأنَّ كلاًّ من المتجادلينَ يمرِي ما عندَ صاحبه وقرىء أتفمرونه أي أفتغلبونَهُ في المراءِ منْ ماريتُه فمريته ولِما فيهِ من مَعْنى الغلبةِ عُدِّيَ بعَلَى كما يقالُ غلبتُه عَلى كَذَا وقيلَ أفتمرونَهُ أفتجحدونَهُ من مَراهُ حقَّهُ إذَا جحدَهُ
﴿ولقد رآه نَزْلَةً أخرى﴾ أي وبالله لقَدْ رأى جبريلَ في صورتِه مرةً أُخرى من النزولِ نصبت النزلُةَ نصبَ الظرفِ الذي هو مرةٌ لأن الفَعْلةَ اسمٌ للمرةِ من الفعلِ فكانتْ في حكمها وقيل تقديره ولقدرآه نازلاً نزلةً أُخْرى فنصبُها على المصدرِ
﴿عِندَ سِدْرَةِ المنتهى﴾ هي شجرةُ نبْقٍ في السماءِ السابعةِ عن يمينِ العرشِ ثمرُها كقِلال هَجَرَ وورقُها كآذانِ الفيولِ تنبعُ من أصلِها الأنهارُ التي ذكرَهَا الله تعالَى في كتابِه يسير الراكب في ظلها سبعين عما لا يقطعُها والمُنْتهى موضعُ الانتهاءِ أو الانتهاءُ كأنَّها في مُنْتَهى الجنةِ وقيلَ إليها يَنْتهي علمُ الخلائقِ وأعمالهم ولايعلم أحدٌ ما وراءَها وقيلَ ينتهِي إليها أرواحُ الشهداءِ وقيلَ ينتهي إليها ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتِها قيل إضافةُ السدرةِ إلى المُنْتهى إما إضافةُ الشيءِ إلى مكانِه كقولك شجر البستان وإضافة المحلِّ إلى الحالِّ كقولك كتابُ الفقهِ والتقديرُ سدرةٌ عندَها مُنتهى علومِ الخلائقِ أو إضافةُ المِلكَ إلى المالك على حذفِ الجارِّ والمجرورِ أي سدرةُ المُنْتَهى إليهِ هو الله عزَّ وجلَّ قالَ تعالَى إلى ربِّكَ المُنْتهى


الصفحة التالية
Icon