} ٠ ١٥
﴿عِندَهَا جَنَّةُ المأوى﴾ أي الجنةُ التي يأوِي إليها المتقون أو أوراح الشهداءِ والجملةُ حاليةٌ وقيلَ الأحسنُ أن يكونَ الحالُ هُو الظرفَ وجنةُ المَأْوى مرتفعٌ به على الفاعليةِ وقولُه تعالى
﴿إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى﴾ ظرفُ زمانٍ لرآهُ لا لِما بعَدُه من الجملةِ المنفيةِ كما قيلَ فإنَّ مَا النافيةَ لا يعمل بعدَها فيما قبلَها والغشيانُ بمعنى التغطية والسترِ ومنه الغَوَاشِي أو بمَعْنى الإتيانِ يقالُ فلانٌ يشغاني كل حين أى يأتين والأولُ هو الأليقُ بالمقامِ وفي إبهامِ ما يغشَى من التفخيم مالا يخفى وتأخيرُه عن المفعولِ للتشويقِ إليهِ أي ولقد رآهُ عندَ السدرةِ وقتَ ما غشِيَها مما لا يكتنههه الوصفُ ولا يَفي به البيانُ كيفاً ولا كمَّاً وصيغةُ المضارعِ لحكايةِ الحالِ الماضيةِ استحضاراً لصورتِها البديعةِ وللإيذانِ باستمرار الغشيانِ بطريقِ التجددِ وقيلَ يغشاهَا الجمُّ الغفيرُ من الملائكةِ يعبدونَ الله تعالَى عندَها وقيلَ يزورُونها متبرّكينَ بها كما يزورُ الناسُ الكعبةَ وقيلَ يغشاهَا سبحاتُ أنوارِ الله عزَّ وجلَّ حين يتجلَّى لها كما يتلجى للجبل لكنها أقوى من الجبلِ وأثبتَ حيثُ لم يُصبْها ما أصابَهُ من الدكِّ وقيلَ يغشاهَا فَراشٌ أو جرادٌ من ذهبٍ وهو قولُ ابن عبَّاسٍ وابن مسعود والضخاك وروى عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنَّه قالَ رأيتُ السدرةَ يغشاها فَراشٌ من ذهبٍ ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالَى وعنْهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يغشاهَا رفرف من طيرٍ خُضرٍ
﴿مَا زَاغَ البصر﴾ أي ما مالَ بصرُ رسولِ الله ﷺ عما رآهُ ﴿وَمَا طغى﴾ وما تجاوزُه مع ما شاهده هناكَ من الأمورِ العجيبةِ المذهلة مالا يُحصَى بل أثبتَهُ إثباتاً صحيحا متيقنا أوما عدلَ عن رؤيةِ العجائبِ التي أمر ابرؤيتها ومُكنَ منَها وما جاوزَها
﴿لقد رأى من آيات رَبّهِ الكبرى﴾ أيْ والله لقدْ رَأَى الآياتِ التي هي كُبراهَا وعُظماهَا حين عُرج به إلى السماءِ فأرى عجائب الملك والملكوت مالا يُحيط به نِطاقُ العبارةِ ويجوزُ أنْ تكونَ الكُبرى صفةً للآياتِ والمفعولُ محذوفٌ أي شيئاً عظيماً من آياتِ ربِّه وأن تكونَ من مزيدة
﴿أفرأيتم اللات والعزى﴾ ﴿ومناة الثالثة الأخرى﴾ هي أصنامٌ كانتْ لهم فاللاتُ كانتْ لثقيفٍ بالطائفِ وقيلَ لقريشٍ بنخلةَ وهيَ فعَلة من لَوَى لأنَّهم كانُوا يلوُون علَيها ويطوفُونَ بها وقُرِىءَ بتشديدِ التاءِ على أنَّه اسمُ فاعل اشتر به رجلٌ كانَ يلتُّ السمنَ بالزيتِ ويطعمُه


الصفحة التالية
Icon