} ٥ ٢ {
منه وهي فُعْلَى من الضيزِ وهُو الجورُ لكنَّه كُسرَ فاؤُه لتسلمَ الياءُ كما فُعلَ في بِيْضٍ فإنَّ فِعْلى بالكسرِ لم يأتِ في الوصفِ وقُرِىءَ ضئزى بالهزة من ضأَزَهُ إذا ظلمَهُ على أنه مصدر نعت به وقُرِىءَ ضَيزى إمَّا على أنَّه مصدرٌ وصف به كدعوى أو على أنه صفةٌ كسَكْرى وعطشى
﴿إِنْ هِىَ﴾ الضميرُ للأصنامِ أيْ ما الأصنامُ باعتبار الأولوهية التي يدَّعُونها ﴿إِلاَّ أَسْمَاء﴾ محضةٌ ليسَ تحتَها مما تنبىءُ هي عنْهُ من معنى الأولوهية شيءٌ ما أصلاً وقوله تعالى ﴿سَمَّيْتُمُوهَا﴾ صفة لأسماء وضميرها لها لا للأصنام والمعَنْى جعلتمُوها أسماءً لا جعلتُم لها أسماءً فإنَّ التسميةَ نسبةً بين الاسمِ والمُسمَّى فإذا قيستْ إلى الإسمِ فمعناهَا جعلُه إسماً للمسمَّى وإن قيستْ إلى المسمَّى فمعناهَا جعلُه مسمَّى للإسمِ وإنما اختيرَ ههنا المعَنْى الأولُ من غيرِ تعرضٍ للمسمَّى لتحقيق أن تلكَ الأصنامَ التي يسمُّونها آلهةً أسماءً مجردةٌ ليسَ لها مسمياتٌ قطعاً كما في قوله تعالى مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا الآيةَ لا أنَّ هناكَ مسمياتٍ لكنَّها لا تستحقُ التسميةَ وقيلَ هي للأسماءِ الثلاثةِ المذكورةِ حيثُ كانُوا يطلقونَها على تلك الأصنامِ لاعتقادِهم أنَّها تستحقُّ العكوفَ على عبادتِها والإعزازَ والتقربَ إليها بالقرابينِ وأنتَ خبيرٌ بأنَّه لو سُلِّم دلالةُ الأسماءِ المذكورةِ على ثبوت تلك المعانِي الخاصَّةِ للأصنامِ فليسَ في سلبِها عنها مزيدُ فائدةٍ بل إنَّما هي في سلبِ الألوهيةِ عنها كما هو زعمُهم المشهورُ في حقِّ جميعِ الأصنامِ على وجهٍ برهانيَ فإنَّ انتفاءَ الموصوفِ يقتضِي انتفاءَ الوصفِ بطريقِ الأولويةِ أيْ ما هيَ إلا أسماءٌ خالية عن المسميات وضعتموها ﴿أنتم ولا آباؤكم﴾ بمقتضَى أهوائِكم الباطلةِ ﴿مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان﴾ برهانٍ تتعلقونَ به ﴿إِن يَتَّبِعُونَ﴾ التفاتٌ إلى الغيبة للإذيان بأنَّ تعدادَ قبائحِهم اقتضَى الإعراضِ عنهم وحكايةِ جناياتِهم لغيرِهم أي ما يتبعونَ فيما ذُكرَ من التسميةِ والعملِ بموجِبها ﴿إِلاَّ الظن﴾ إلا توهَم أَن ما هُم عليهِ حقٌّ توهماً باطلاً ﴿وَمَا تَهْوَى الأنفس﴾ أي تشتهيِه أنفسُهم الأمارةُ بالسُّوءِ ﴿وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ الهدى﴾ قيلَ هي حالٌ من فاعلِ يتبعونَ أو اعتراضٌ وأياً ما كان ففيهِ تأكيدٌ لبطلانِ اتباعِ الظنِّ وهو النفسُ وزيادةُ تقبيحٍ لحالِهم فإنَّ اتباعهما من أيِّ شخصٍ كان قبيحٌ وممن هداهُ الله تعالى بإرسال الرسول ﷺ وإنزالِ الكتابِ أقبحُ
﴿أَمْ للإنسان مَا تمنى﴾ أمْ منقطعةٌ وما فيَها من بَلْ للانتقالِ من بيانِ أنَّ ما هُم عليه مستندٍ إلا إلى توهمِهم وهى أنفسِهم إلى بيانِ أنَّ ذلكَ ممَّا لا يُجدي نفعاً أصلاً والهمزةُ للإنكارِ والنَّفي أي ليسَ للإنسانِ كلُّ ما يتمنَّاهُ وتشتهيِه نفُسه من الأمورِ التي من جُمْلتِها أطماعُهم الفارغةُ في شفاعةِ الآلهةِ ونظائرِها التي لا تكادُ تدخلُ تحتَ الوجودِ
﴿فَلِلَّهِ الأخرة والأولى﴾ تعليلٌ لانتفاءِ أنْ يكونَ للإنسانِ ما يتمنَّاهُ حتماً فإنَّ اختصاصَ


الصفحة التالية
Icon