} ٩ ١٥
﴿جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ أي فعلنَا ذلكَ جزاءَ لنوحٍ عليهِ السَّلامُ لأنَّه كانَ نعمةً كفرُوها فإنَّ كلَّ نبيَ نعمةٍ من الله تعالَى على أمتهِ ورحمة وأى نعمة وأى رحمة وقد جوز أن يكون على حذفِ الجارِّ وإيصالِ الفعلِ إلى الضميرِ واستتارُه في الفعلِ بعد انقلابِه مرفوعاً وقُرِىءَ لَمنْ كَفَرَ أي للكافرينَ
﴿وَلَقَدْ تركناها﴾ أي السفينةَ أو الفعلة ﴿آية﴾ يعتبرُ بَها من يقفُ على خَبرِها وقالَ قَتَادةُ أبقاهَا الله تعالَى بأرضِ الجزيرة وقيلَ على الجُودِّي دَهْراً طويلاً حتى نظرَ إليها أوائلُ هذه الأمةِ ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أي معتبرٍ بتلكَ الآيةِ الحقيقةِ بالاعتبارِ وقُرِىءَ مُذْتكرٍ على الأصلِ ومُذَّكرٍ بقلبِ التاءِ ذالاً والإدغام فيَها
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ﴾ استفهام تعظيم وعجيب أى كانا على كفية هائلةٍ لا يحيطُ بَها الوصفُ والنذرُ جمعُ نذيرٍ بمَعْنى الإنذارِ
﴿ولقد يسرنا القرآن﴾ الخ جملةٌ قسميةٌ وردتْ في أواخرِ القصصِ الأربعِ تقريراً لمضمونِ ما سبقَ من قولِه تعالى وَلَقَدْ جَاءهُمْ مّنَ الأنباء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالغة فَمَا تُغْنِى النذر وتنبيهاً على أنَّ كلَّ قصةٍ منها مستقلة بإجاب الإدكارِ كافيةٌ في الازدجارِ ومع ذلكَ لم تقعْ واحدةٌ في حيزِ الاعتبارِ أى وبالله ولقد سهَّلَنا القرآنَ لقومِكَ بأنْ أنزلناهُ على لغتِهم وشحنَّاهُ بأنواعِ المواعظِ والعبرِ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوعيدِ والوعدِ ﴿لِلذّكْرِ﴾ أي للتذكرِ والاتعاظِ ﴿فهل من مدكر﴾ إنكارا ونفيٌ للمتعظِ على أبلغِ وجهٍ وآكدِه حيثُ يدلُّ على أنَّه لا يقدرُ أحد يجيبَ المستفهَم بنَعَمْ وحَملُ تيسيرِه على تسهيلِ حفظِه بجزالةِ نظمِه وعذوبِة ألفاظِه وعباراتِه مما لا يساعدُه المقامُ
﴿كَذَّبَتْ عَادٌ﴾ أي هوداً عليهِ السَّلامُ ولم يتعرضْ ليكفية تكذيبِهم له رَوْماً للاختصارِ ومُسارعةً إلى بيانِ ما فيه الازدجارُ من العذابِ وقولُه تعالَى ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ﴾ لتوجيهِ قلوبِ السامعينَ نحوَ الاصغاءِ إلى ما يُلقى إليهم قبلَ ذكرِه لا لتهويلِه وتعظيمِه وتعجيبِهم من حالةِ بعدَ بيانه كما قلبه وما بعدَهُ كأنَّه قيلَ كذبتْ عادٌ فهل سمعتُم أو فاسمعُوا كيفَ كانَ عذابِي وإنذاراتِي لهم وقولُه تعالَى
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً﴾ استئنافٌ ببيانِ ما أُجملَ أولاً أيْ أرسلنَا عليهم ريحا باردة أوشديدة الصوتِ ﴿فِى يَوْمِ نَحْسٍ﴾ شؤمٍ ﴿مُّسْتَمِرٌّ﴾ أي شؤمُه أو مستمرٌّ عليهم إلى أنْ أهلكهُم أو شاملٌ لجميعِهم كبيرِهم وصغيرِهم أو مشتد مرارته وكانَ يومَ الأربعاءِ آخرَ الشهرِ