} ٦ ٢٠
﴿تَنزِعُ الناس﴾ تقلعُهم رُويَ أنَّهم دخلُوا الشعابَ والحفرَ وتمسَّكَ بعضُهم ببعضٍ فنزعتُهم الريحُ وصرعتُهم مَوْتى ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ أي منقلعٍ عن مغارسِه قيل شُبهوا بأعجازِ النخلِ وهيَ أصولُها بلا فروعٍ لأنَّ الريح كانت تقلع رؤسهم فتُبقِي أجساداً وجثثاً بلا رؤس وتذكير صفى النخل للنظرِ إلى اللفظِ كما أنَّ تأنيثَها في قولِه تعالى أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ للنظرِ إِلى المَعْنى وقولُه تعالَى
﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ﴾ تهويلٌ لهما وتعجيبٌ من أمرِهما بعد بيانِهما فليسَ فيه شائبةُ تكرارٍ وما قيلَ من أنَّ الأولَ لِما حاقَ بهم في الدُّنيا والثانِي لما يحيقُ بهم في الآخرةِ يردُّه ترتيبُ الثَّانِي على العذابِ الدنيوي
﴿ولقد يسرنا القرآن لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ الكلامُ فيه كالذي مر فيما سبقَ
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنذر﴾ أي الإنذاراتِ والمواعظِ التي سمعُوها من صالحٍ أو بالرسلِ عليهم السَّلامُ فإنَّ تكذيبَ أحدهم تكذيب لكل لاتفاقِهم على أصولِ الشرائعِ
﴿فَقَالُواْ أَبَشَراً مّنَّا﴾ أي كائناً من جنسِنا وانتصابُه بفعلِ يفسِّره ما بعدَهُ ﴿واحدا﴾ أى منفردا لاتبع له أو واحداً من آحادِهم لا من أشرافِهم وهو صفةٌ أُخرى لبشراً وتأخيرُه عن الصفةِ المؤولةِ للتنبيهِ على أنَّ كلاً من الجنسيةِ والوحدةِ مما يمنعُ الاتباعَ ولو قُدِّمَ عليَها لفاتتِ هذه النكتةُ وقُرِىءَ أبشرٌ منَّا واحدٌ من على الابتداءِ وقولُه تعالَى ﴿نَّتَّبِعُهُ﴾ خبرُهُ والأولُ أوجهُ للاستفهامِ ﴿إِنَّا إِذاً﴾ أي على تقديرِ اتباعِنا له وهو منفردٌ ونحن أُمَّةٌ جَمَّةٌ ﴿لَفِى ضلال﴾ عن الصوابِ ﴿وَسُعُرٍ﴾ أي جنونٍ فإنَّ ذلكَ بمعزلٍ من مُقتَضى العقلِ وقيلَ كان يقولُ لهم إن لم تتبعونِي كنتُم فِى ضلالٍ عن الحقِّ وسعرٍ أي نيرانٍ جمعُ سعيرٍ فعكسُوا عليهِ عليهِ السَّلامُ لغايةِ عتوهِم فقالُوا إنِ اتبعناكَ كُنَّا إذن كَما تقولُ
﴿أؤلقي الذّكْرُ﴾ أي الكتابُ والوحيُ ﴿عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا﴾ وفينَا من هو أحقُّ منه بذلكَ ﴿بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ أي ليسَ الأمرُ كذلكَ بل هو كَذا وكَذا حملَهُ بطرُه على الترفعِ علينا بما ادَّعاهُ وقولُه تعالَى
﴿سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكذاب الأشر﴾ حكايةٌ لما قالَهُ تعالَى لصالحٍ عليهِ السَّلامُ وعداله ووعيد لقومِه والسينُ لتقريبِ مضمونِ الجملةِ وتأكيدِه والمرادُ


الصفحة التالية
Icon