} ٠ ٦
مثلَ السويقِ الملتوتِ من بس السويق إذالته أو سِيقتْ وسيرتْ من أماكنِها من بسَّ الغنَم إذَا ساقَها كقولِه تعالَى وسُيرتِ الجبالُ وقُرِىءَ رُجتْ وبُستْ أيْ ارتجتْ وذهبتْ
﴿فَكَانَتْ﴾ أي فصارتْ بسببِ ذلك ﴿هَبَاء﴾ غباراً ﴿مُّنبَثّاً﴾ منتشراً
﴿وَكُنتُمْ﴾ إما خطابٌ للأمةِ الحاضرةِ والأممِ السالفةِ تغليباً أو للحاضرة ﴿أزواجا﴾ أي أصنافاً ﴿ثلاثة﴾ فكلُّ صنفٍ يكونُ مع صنفٍ آخرَ في الوجودِ أو في الذكرِ فهو زوجٌ وقولُه تعالى
﴿فأصحاب الميمنة مَا أصحاب الميمنة﴾ وأصحاب المشامة ما أصحاب المشأمة تقسيمٌ وتنويعٌ للأزواجِ الثلاثةِ معَ الإشارةِ الإجماليةِ إلى احوالهم ققبل تفصيلِها فقولُه تعالَى فأصحابُ الميمنة مبتدأ وقوله مااصحاب الميمنةِ خبرُه على أنَّ ما الاستفهاميةَ مبتدأٌ ثانٍ ما بعده خبرُهُ والجملةُ خبرُ الأولِ والأصلُ ما هُم أيْ أيُّ شيءٍ هم في حالِهم وصفتِهم فإنَّ ما وإنْ شاعتْ في طلبِ مفهومِ الاسمِ والحقيقةِ لكنَّها قد يُطلب بَها الصفةُ والحالُ تقولُ ما زيد فيقال عالم أو طبيبٌ فوضْعُ الظاهرِ موضعَ الضميرِ لكونِه أدخلَ في التفخيمِ وكذا الكلامُ في وقوله تعالى وأصحاب المشامة ما أصحاب المشامة والمرادُ تعجيبُ السامعِ من شأنِ الفريقينِ في الفخامةِ والفظاعةِ كأنَّه قيلَ فأصحابُ الميمنةِ في غاية حسنِ الحالِ وأصحابُ المشأمةِ في نهاية سوءِ الحالِ وتكلمُوا في الفريقينِ فقيلَ أصحابُ الميمنةِ أصحابُ المنزلةِ السنيةِ وأصحابُ المشأمةِ أصحابُ المنزلةِ الدنيةِ أخذاً من تيمُّنهم بالميامنِ وتشاؤمِهم بالشمائلِ وقيلَ الذينَ يُؤتَون صحائفهم بأيمانِهم والذينَ يُؤتونها بشمائِلهم وقيلَ الذينَ يُؤخذُ بِهم ذاتَ اليمينِ إلى الجنَّةِ والذينَ يؤخذُ بهم ذاتَ الشمالِ إلى النارِ وقيلَ أصحابُ اليمين وأصحابُ الشؤمِ فإن السعداءَ ميامين على انفسهم بطاعتهم والأشقياءُ مشائيمُ عليها بمعاصِيهم وقولُه تعالَى
﴿والسابقون السابقون﴾ هُو القِسمُ الثالثُ من الأزواجِ الثلاثةِ ولعلَّ تأخيرَ ذكرِهم مع كونِهم أسبقَ الاقسامِ وأقدمَهم في الفضلِ ليقترنَ ذكرُهم ببيانِ محاسنِ أحوالِهم على أن يرادهم بعنوانِ السبقِ مُطلقاً معربٌ عن إحرازِهم لقصبِ السبقِ من جميعِ الوجوهِ وتكلمُوا فيهم أيضاً فقيلَ هم الذينَ سبقُوا إلى الإيمانِ والطاعةِ عند ظهورِ الحقِّ من غير تلعثمٍ وتوانٍ وقيلَ الذينَ سبقوا في حيازةِ الفضائلِ والكمالاتِ وقيلَ هُم الذينَ صلَّوا إلى القبلتينِ كما قالَ تعالى والسابقون الأولين مِنَ المهاجرينَ والأنصارِ وقيلَ هم السابقون الى صلوات الخمسِ وقيل المسارعونَ في الخيراتِ وأيَّاً ما كانَ فالجملةُ مبتدأٌ وخبرٌ


الصفحة التالية
Icon