} ٥ ٢ {
سائرالأمم فإنَّ أكثريةَ سابقي الأممِ السالفةِ من سابقي هذه الأمة لا تمنعُ أكثريةَ تابعي هؤلاءِ من تابَعي أولئكَ ولا يردُّه قولُه تعالى في أصحابِ اليمينِ ثلة من الأولين وثلة من الآخرينَ لأنَّ كثرةَ كلَ من الفريقينِ في أنفسِهما لا تُنافِي أكثريةَ أحدِهما من الآخرِ وسيأتِي أن الثلين من هذهِ الأمةِ وقد رُويَ مرفوعاً أن الأولينَ والآخرينَ ههنا أيضاً متقدمُو هذه الأمةِ ومتأخرُوهم واشتقاقُ الثلةِ من الثِّل وهو الكسرُ
﴿على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ حالٌ أُخرى من المقربينَ أو من ضميرِهم في الحالِ الأُولى وقيلَ خبرٌ آخرُ للضميرِ والموضونةُ المنسوجةُ بالذهبِ مشبكةٌ بالدرِّ والياقوتِ أو المتواصلةُ من الوضنِ وهو النسجُ
﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا متقابلين﴾ حالانِ من الضميرِ المستكنِّ فيما تعلقَ بهِ على سررٍ أي مستقرينَ على سررٍ متكئينَ عليها متقابلينَ لا ينظرُ بعضُهم من أقفاءِ بعضٍ وهو وصفٌ لهم بحسنِ العشرةِ وتهذيبِ الأخلاقِ والآدابِ
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ حالٌ أُخرى أو استئنافٌ أي يدورُ حولَهُم للخدمةِ ﴿ولدان مُّخَلَّدُونَ﴾ أي مبقونَ أبداً على شكل الولدان وطرواتهم لا يتحولونَ عنها وقيلَ مقرطونَ والخُلد القِرطُ قيلَ هم أولادُ أهلِ الدُّنيا لم يكُن لهم حسناتٌ فيثابُوا عليها ولا سيئاتٌ فيعاقبُوا عليها رُوي ذلكَ عن عليَ رضيَ الله عنه وعنِ الحسنِ رحمَهُ الله وفي الحديثِ أولادُ الكفارِ خدامُ أهلِ الجنةِ
﴿بِأَكْوَابٍ﴾ بآنيةٍ لا عُرَى لها ولا خَراطيمُ ﴿وَأَبَارِيقَ﴾ أي آنيةٌ ذاتُ عُرى وخَراطيمَ ﴿وَكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ﴾ أي خمرٍ جاريةٍ من العُيونِ قيلَ إنما أفردَ الكأسَ لأنها لا تسمَّى كأساً إلا إذا كانتْ مملوءةً
﴿لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ أيْ بسببها وحقيقتُه لا يصدرُ صداعهم عنها وقرئ لا يصدعون أي لا يتصدَّعُون ولا يتفرقونَ كقولِه تعالى يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ وقرىءَ لا يصدعون أي لا يفرقُ بعضُهم بعضاً ﴿وَلاَ يُنزِفُونَ﴾ أي لا يسكرُون من أنزفَ الشَّاربُ إذا نفدَ عقلُه أو شرابُه
﴿وفاكهة مّمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ أي يختارونه ويأخذون خبره وأفضله
﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أي يتمنونَ وقُرىءَ ولحومِ طيرٍ