٦٥ ٥٨
﴿أفرأيتم مَّا تُمْنُونَ﴾ أي تقذفونَ في الأرحامِ من النطفِ وقُرىءَ بفتحِ التَّاءِ من مَنَى النطفةَ بمعنى أمنَاها
﴿أأنتم تَخْلُقُونَهُ﴾ أي تقدرونَهُ وتصورونَهُ بشراً سوياً ﴿أَم نَحْنُ الخالقون﴾ له من غيرِ دخلِ شيءٍ فيه وأم قيل منقطعةٌ لأن ما بعدها جملةٌ فالمعنى بل أنحنُ الخالقونَ على أنَّ الاستفهامَ للتقريرِ وقيل متصلة ومجىءُ الخالقونَ بعد نحن بطريقِ التأكيد لا بطريقِ الخبريةِ أصالةً
﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت﴾ أي قسمنَاهُ عليكم ووقتنا موتَ كلِّ أحدٍ بوقتٍ معينٍ حسبما تقتضيهِ مشيئتُنا المبنيةُ على الحِكَمِ الباالغة وقرىء قدرنا مخففة ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي إنا قادرونَ
﴿على أَن نُّبَدّلَ أمثالكم﴾ لا يغلبنا أحدٌ على أن نُذهبكم ونأتَي مكانَكم أشباهكم من الخلق ﴿وننشئكم في ما لاَ تَعْلَمُونَ﴾ من الخلقِ والأطورا ولاتعهدون بمثلها قال الحسن رحمه الله أي نجعلكم قردةً وخنازيرَ وقيل المَعْنى وننشئكم في البعثِ على غيرِ صوركم في الدنيا فَمْن هذا شأنُه كيف يعجزُ عن إعادتِكم وقيلَ المعنى وما يسبقنا أحدٌ فيهرب من الموت أو يغير وقته وعلى أن نبدل إلخ إما حالٌ من فاعل قدرنا أو علةٌ للتقديرِ وعلى بمعنى اللام وما بينهما اعتراضٌ
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى﴾ هي خلقُهم من نطفةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ من مضغةٍ وقيل هي فطرةُ آدمَ عليه السلامُ من الترابِ ﴿فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ فهلا تتذكرون أنَّ من قدرَ عليها قدر على النشأةِ الأُخرى حتماً فإنه أقلُّ صنعاً لحصولِ الموادِّ وتخصص الأجزاءِ وسبقِ المثالِ وفيه دليلٌ على صحَّة القياسِ وقرىء فَلْولاَ تذكُرُون من الثلاثى وفي الخبرِ عجباً كلَّ العجبِ للمكذبِ بالنشأةِ الْاخرةِ وهو يرى النشأةَ الأولى وعجباً للمصدق بالنشأة الآخرةِ وهو يسعى لدار الغرور
﴿أفرأيتم مَّا تَحْرُثُونَ﴾ أي تبذرونَ حبَّه وتعملونَ في أرضِه
﴿أأنتم تَزْرَعُونَهُ﴾ تنبتونَهُ وتردونه نباتاً يرف ﴿أم نحن الزارعون﴾ أيى المنبتونَ لا أنتمُ والكلامُ في أم كما مر آنفاً
﴿لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حطاما﴾ هشيماً متكسراً متفتتاً بعد ما أنبتناهُ وصارَ بحيثُ طمعتم في حيازة غلالِه