} ٩ ٢٨
وكفرٌ بَحْتٌ وأنَّى لها استتباعُ الأجرِ ﴿أَجْرَهُمْ﴾ أي ما يخُصُّ بهم من الأجرِ ﴿وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون﴾ خارجونَ عن حدِّ الاتباعِ وحملُ الفريقينِ على منِ مضَى من المراعينَ لحقوقِ الرهبانية قبل النسخ والمخلين إذْ ذاكَ بالتثليثِ والقولِ بالاتحادِ وقصدِ السمعةِ من غيرِ تعرضٍ لإيمانِهم برسولِ الله ﷺ وكفرِهم به ممَّا لا يُساعدُه المقامُ
﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ﴾ أي بالرسلِ المتقدمةِ ﴿اتقوا الله﴾ فيما نهاكُم عنْهُ ﴿وآمنوا بِرَسُولِهِ﴾ أي بمحمَّدٍ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ وفي إطلاقهِ إيذانٌ بأنَّه عَلَمٌ فَردٌ في الرسالةِ لا يذهبُ الوهمُ إلى غيرِه ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ﴾ نصيبينِ ﴿مّن رَّحْمَتِهِ﴾ لإيمانِكم بالرسولِ وبمَنْ قبلَهُ من الرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ لكنْ لا على مَعْنى أنَّ شريعتَهُم باقيةٌ بعد البعثةِ بلْ على أنَّها كانتْ حقَّة قبلَ النسخِ ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾ يومَ القيامةِ حسبما نطق به قوله تعالى يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبأيمانهم ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ما أسلفتُم من الكُفر والمَعَاصِي ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي مبالِغٌ في المغفرةِ والرحمةِ وقولُه تعالَى
﴿لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب﴾ متعلقٌ بمضمونِ الجملةِ الطلبيةِ المتضمنةِ لمَعْنى الشرطِ إذِ التقديرُ إنْ تتقُوا الله وتُؤمنوا برسوله يُؤتكم كَذَا وكَذَا لئلاَّ يعلمَ الذينَ لم يُسلموا مّنْ أَهْلِ الكتابِ أي ليعلمُوا ولا مزيدةٌ كما ينبىءُ عنه قراءةُ ليلعم ولكي يعلمَ ولأن يعلمَ بإدغامِ النونِ في الياءِ وأنْ في قولِه تعالَى ﴿إِلاَّ يَقْدِرُونَ على شَىْء مِن فَضْلِ الله﴾ مخففةٌ من الثقيلة واسمُها الذي هو ضميرُ الشأنِ محذوفٌ والجملةُ في حيز النصبِ على أنَّها مفعولُ يعلمَ أيْ ليعلمُوا أنَّه لا ينالونَ شيئاً مما ذُكِرَ من فضله من الكفلين والنورِ والمغفرةِ ولا يتمكنون من نيله حيثُ لم يأتُوا بشرطه الذي هُو الإيمانُ برسوله وقولُه تعالَى ﴿وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله﴾ عطفٌ على أنْ لا يقدرونَ وقولُه تعالَى ﴿يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ خبرٌ ثانٍ لأَنَّ وقيلَ هُو الخبرُ والجارُّ حالٌ لازمةٌ وقولُه تعالى ﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾ اعتراض تذييلى لمضمون ما قبلَهُ وقد جُوِّزَ أنْ يكونَ الأمرُ بالتقوى والإيمانِ لغير أهلِ الكتابِ فالمَعْنى اتقُوا الله واثبتُوا على إيمانكم برسول الله ﷺ يُؤتكُم ما وعدَ مَنْ آمنَ مِنْ أهلِ الكتابِ من الكفلينِ في قولِه تعالَى أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ ولا ينقصكُم من مثلِ أجرِهم لأنَّكُم مثلُهم في الإيمانينِ لا تفرقون بَيْنَ أَحَدٍ من رُّسُلِهِ ورُويَ أنَّ مُؤمني أهلِ الكتابِ افتخرُوا على سائرِ المؤمنينَ بأنَّهم يُؤتون أجرَهُم مرتين وادَّعوا الفضل عليهم فنزلت وقرىء لِيَلاَ بقلب الهمزة ياء لا نفتاحها بعد كسرةٍ وقُرِىءَ بسكونِ الياءِ وفتحِ اللامِ كاسمِ المرأةِ وبكسرِ اللامِ مع سكونِ الياءِ وقُرِىءَ أنْ لا يقدرُوا هَذا وقد قيل لاَ غيرُ مزيدةٍ وضميرُ لا يقدرونَ للنبيِّ عليه