٥ ٤
رقبةٍ ﴿مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾ أيْ مِنْ قبلِ أنْ يستمتعَ كلٌ منَ المُظاهِرِ وَالمُظاهَرِ منْهَا بالآخرِ جماعاً وَلَمساً ونظراً إلى الفرج شهوة وإنْ وقعَ شيءٌ من ذلكَ قبلَ التكفيرِ يجبُ عليهِ أنْ يستغفرَ ولا يعودَ حتَّى يكفرَ وإنْ أعتقَ بعضَ الرقبةِ ثمَّ مسَّ عليهِ أنْ يستأنفَ عندَ أبي حنيفةَ رحمَهُ الله تَعَالَى ﴿ذلكم﴾ إشارةٌ إِلى الحكمِ المذكورِ وَهُوَ مبتدأٌ خبرُهُ ﴿تُوعَظُونَ بِهِ﴾ أى ترجرون بهِ عنِ ارتكابِ المنكرِ المذكورِ فإنَّ الغراماتِ مزاجرٌ عنْ تعاطِي الجناياتِ والمرادُ بذكرِهِ بيانُ أنَّ المقصودَ منْ شرعِ هَذَا الحكمِ ليس تعويضكم للثوابِ بمباشرتكُمْ لتحريرِ الرقبةِ الذي هو علم في استباع الثوابِ العظيمِ بلْ هُوَ ردعُكم وزجرُكم عنَ مباشرةِ ما يوجبُهُ ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من الأعمالِ الي من جملتها التكفير ومايوجبه من جنايةِ الظهارُ ﴿خَبِيرٌ﴾ أى عالم يظواهرها وبواطِنَها ومجازيكُم بهَا فحافظُوا على حدود ما شرعَ لكُمْ وَلاَ تُخِلّوا بشيءٍ منْهَا
﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ﴾ أيْ الرقبةَ ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ أيْ فعليهِ صيامُ شهرينِ ﴿مُتَتَابِعَيْنِ من قبل أن يتماسا﴾ ليلا أو نهارا عمادا أَوْ خطأً ﴿فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ﴾ أيْ الصيامَ لسببٍ منَ الأسبابِ ﴿فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً﴾ لكُلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ منْ بُرِّ أَوْ صاعٌ منْ غيرِهِ ويجبُ تقديمُهُ عَلَى المسيسِ لكن لا يستأنفُ إنْ مسَّ في خلالِ الإطعامِ ﴿ذلك﴾ إشارةٌ إلى ما مرَّ من البيان والتعليمِ للأحكامِ والتنبيُهُ عليهَا وما فيه من معنى البعد قد مرَّ سردُه مراراً وملحه إمَّا الرفعُ عَلَى الابتداءِ أو النصبُ بمضمرٍ معللٌ بَما بعدَهُ أيْ ذلكَ واقعٌ أو فعلُنَا ذلكَ ﴿لّتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ﴾ وتعملُوا بشرائعِهِ التي شرعَهَا لكُم وترفضُوا ما كنتُم عليه في جاهليتِكُم ﴿وَتِلْكَ﴾ إشارةٌ إِلى الأحكامُ المذكورةِ وما فيه من معنى البعد لتعظيمِها كما مَرَّ غيرَ مرةٍ ﴿حُدُودَ الله﴾ التِي لا يجوزُ تعدِّيهَا ﴿وللكافرين﴾ أي الذينَ لا يعملونَ بَها ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ عبرَ عنْهُ بذلكَ للتغليظِ عَلَى طريقةِ قولِهِ تَعَالَى وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين
﴿إِنَّ الذين يُحَادُّونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ أيْ يعادونَهُمَا ويشاقونهُمَا فإنَّ كلاًّ منَ المتعاديينِ كَما أنَّه يكونُ في عُدوةٍ وشقَ غيرِ عُدوةِ الآخرِ وشقِّهِ كذلكَ يكونُ في حدَ غيرِ حَدِّ الآخرِ غيرَ أنَّ لورودِ المحادّةِ في أثناءِ ذكرِ حدودِ الله دونَ المعاداةِ والمشاقةِ من حسنِ الموقعِ مالا غايةَ وراءَهُ ﴿كُبِتُواْ﴾ أيْ أخزُوا وَقيلَ خُذِلُوا وقيلَ أذلُّوا وقيل أهلكُوا وقيلَ لُعنُوا وقيلَ غِيظُوا وهُوَ ما وقعَ يومَ الخندقِ قالُوا معَنْى كُبتوا سيكبتونَ على طريقة قوله تعالى أتى أَمْرُ الله وقيلَ أصلُ الكبتِ الكبُّ ﴿كَمَا كُبِتَ الذين مِن قَبْلِهِم﴾ منْ كُفَّارِ الأممِ الماضيةِ المعادينَ للرسلِ عليهمْ


الصفحة التالية
Icon