٧ ٦
إما على الاكتفاءِ من الواوِ بالضمِّ أو على أنَّه جمعُ كرُهُنٍ وقُرِىءَ قائماً على أصُولِهِ ذهاباً إلى لفظِ مَا ﴿فَبِإِذْنِ الله﴾ فذاكَ أي قطعُهَا وتركُهَا بأمرِ الله تعالى ﴿وَلِيُخْزِىَ الفاسقين﴾ أي وليذلَّ اليهودَ ويغيظَهُمْ أَذِنَ في قطعِهَا وتركِهَا لأنهُم إذا رأَوا المؤمنينَ يتحكمونَ في أموالِهِمْ كيفَ أحبُّوا ويتصرفونَ فيها حسبما شاؤا من القطعِ والتركِ يزدادونَ غيظاً ويتضاعفونَ حسرةً واستُدلَّ بهِ على جوازِ هدمِ ديارَ الكفرةِ وقطعِ أشجارِهم وإحراقِ زروعِهِم زيادةً لغيظِهِم وتخصيصُ اللينةِ بالقطعِ إنْ كانت من الألوانِ لاستبقاءِ العجوةِ والبَرْنيةِ اللتينِ هما كرامُ النخيلِ وإن كانتْ هي الكرامَ ليكونَ غيظُهُم أشدَّ وقولُهُ تعالى
﴿وما أفاء الله على رَسُولِهِ﴾ شروعٌ في بيانِ حالِ ما أُخِذَ من أموالم بعدَ بيانِ ما حلَّ بأنفسِهِم من العذابِ العاجلِ والآجلِ وما فُعلَ بديارِهِم ونخيلِهِم من التخريبِ والقطعِ أي ما أعادَهُ إليهِ من ما لهم وفيه إشعارٌ بأنه كان حقيقا بأن يكونَ له عليهِ الصلاةُ والسلامُ وإنما وقعَ في أيديهِم بغير حقَ فرجعه الله تعالى إلى مستحقِّهِ لأنه تعالى خلقَ الناسَ لعبادَتِهِ وخَلقَ ما خَلقَ ليتوسَّلوا به إلى طاعتِهِ فهو جديرٌ بأنْ يكونَ للمطيعينَ ﴿مّنْهُمْ﴾ أي منْ بني النَّضيرِ ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ﴾ أي فما أجريتُم على تحصيلِهِ وتغنُّمِهِ من الوجيفِ وهو سرعةُ السيرِ ﴿مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ﴾ هي ما يركبُ من الإبلِ خاصَّة كما أن الراكبَ عندهم راكبُهَا لا غيرُ وأما راكبُ الفرسِ فإنما يسمُّونه فارساً ولا واحدَ لها من لفظِهَا وإنما الواحدةُ منها راحلةٌ والمعنى ما قطعتُم لها شُقةً بعيدةً ولا لقيتُم مشقةً شديدةً ولا قتالاً شديداً وذلك لأنه كانتْ قُراهم على ميلينِ من المدينةِ فمشَوا إليها مشياً وما كان فيهم راكبٌ إلا النبيُّ عليهِ الصلاةَ والسلام فافتحها صُلحاً من غيرِ أن يجري بينهم مسابقة كأنَّهُ قيلَ وما أفاءَ الله على رسولِهِ منهم فما حصلتُموه بكدِّ اليمينِ وعرقِ الجبينِ ﴿ولكن الله يُسَلّطُ رُسُلَهُ على مَن يَشَاء﴾ أي سُنَّتهُ تعالَى جاريةٌ على أنْ يسلطَهُم على مَن يَشَاء مِنْ أعدائِهِم تسليطاً خاصَّاً وقد سلَّط النبيَّ عليهِ الصلاةَ والسلامُ على هؤلاءِ تسليطاً غيرَ مُعتادٍ من غيرِ أنْ تقتحموا مضايقَ الخُطُوبِ وتُقَاسُوا شدائِدَ الحروبِ فلا حقَّ لكِم في أموالِهِم ﴿والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ﴾ فيفعلُ ما يشاءُ كما يشاءُ تارةً على الوجوهِ المعهودةِ وأُخْرى على غيرِهَا وقوله تعالى
﴿مَّا أَفَاء الله على رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى﴾ بيانٌ لمصارفِ الفيءِ بعدَ بيان إفاءته عليه الصلاة والسلام من غيرِ أن يكونَ للمقاتلةِ فيه حقٌّ وإعادةُ عينِ العبارةِ الأُولى لزيادةِ التقريرِ ووضعُ أهلِ القُرى موضعَ ضميرهم للإشعار بشمول


الصفحة التالية
Icon