} ١ ١ ﴿
هاجرُوا بعد ما قَوِيَ الإسلامُ أو التابعونَ بإحسانٍ وهم المؤمنونَ بعد الفريقينِ إلى يومِ القيامةِ ولذلك قيلَ إن الآيةَ قد استوعبتْ جميعَ المؤمنينَ وأياً ما كان فالموصولُ مبتدأٌ وخبره {يَقُولُونَ﴾ الخ والجملةُ مسوقةٌ لمدحِهِم بمحبَّتِهِم لمنْ تقدَمَهُم من المؤمنينَ ومراعاتِهِم لحقوقِ الأخوةِ في الدينِ والسبقِ بالإيمانِ كما أنَّ ما عُطفتْ عليه من الجملةِ السابقةِ لمدحِ الأنصارِ أيْ يدعونَ لهم ﴿رَبَّنَا اغفر لَنَا ولإخواننا﴾ أيْ في الدينِ الذي هُو أعزُّ وأشرفُ عندهُم من النسبِ ﴿الذين سَبَقُونَا بالإيمان﴾ وصفُوهُم بذلكَ اعترافاً بفضلِهِم ﴿وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ﴾ وقرئ غِمْراً وهُمَا الحقدُ ﴿لِلَّذِينَ آمنوا﴾ على الإطلاقِ ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ رؤوف رحيم﴾ أي مبالغ في الرأفةِ والرحمةِ فحقيقٌ بأنْ تجيبَ دُعاءَنَا
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نافقوا﴾ حكايةٌ لِمَا جَرى بينَ الكفرةِ والمنافقينَ من الأقوالِ الكاذبةِ والأحوالِ الفاسدةِ وتعجيبٌ منها بعد حكايةِ محاسنِ أحوالِ المؤمنينَ وأقوالِهِم على اختلافِ طبقاتِهِمْ والخطابُ لرسول الله ﷺ أو لكل أحد ممن له حظٌّ من الخطاب وقولِهِ تعالى ﴿يَقُولُونَ﴾ الخ استئنافٌ لبيانِ المتعجَّبِ منهُ وصيغة المضارع للدلالة على استمرارا قولِهِم أو لاستحضارِ صورتِهِ واللام في قوله تعالى ﴿لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب﴾ للتبليغِ والمرادُ بأخوَّتِهِم إما توافُقُهُم في الكفرِ أو صداقَتُهُم وموالاتُهُمْ واللام في قوله تعالى ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ﴾ أي من دياركم قسرا موطئةٌ للقسمِ وقولُه تعالى ﴿لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾ جوابُ القسمِ أيْ والله لئِنْ أُخْرجتُم لنخرجنَّ معكم البتةَ ونذهبنَّ في صُحْبَتكم أينما ذهبتُم ﴿وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ﴾ أيْ في شأنِكُمْ ﴿أَحَدًا﴾ يمنعنا منَ الخروجِ معكُم ﴿أَبَدًا﴾ وإنْ طالَ الزمانُ وقيلَ لا نطيعُ في قتالِكُم أو خذلانِكُم وليسَ بذاكَ لأن تقديرَ القتالِ مترقبٌ بعد ولأن وعدَهُم لهم على ذلك التقديرِ ليسَ مجردَ عدمِ طاعتِهِم لمن يدعُوهُم إلى قتالهِم بل نصرتَهُم عليهِ كما ينطقُ به قولُهُ تعالى ﴿وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ﴾ أي لنعاونَنَّكُم على عدوِّكم على أن دعوتَهُم إلى خذلانِ اليهودِ مما لا يمكنُ صدورُه عن رسول الله ﷺ والمسلمينَ حتى يدَّعوا عدمَ طاعتِهِم فيها ضرورةَ أنَّها لو كانَتْ لكانَتْ عند استعدادِهِم لنصرتِهِم وإظهارِ كفرِهِم ولا ريب في أن ما يفعله عليه الصلاةُ والسلامُ عند ذلكَ قتلَهُم لا دعوَتَهُم إلى تركِ نصرتِهِم وأما الخروجُ معهم فليسَ بهذه المرتبةِ من إظهارِ الكفرِ لجوازِ أن يدَّعوا أن خروجَهُم معهم لما بينَهُم من الصداقةِ الدنيويةِ لا للموافقةِ في الدينِ ﴿والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون﴾ في مواعيدِهِم المؤكدةِ بالأيمانِ الفاجرةِ وقولُهُ تعالى
﴿لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ الخ تكذيبٌ لهم في كلِّ واحدٍ