﴿إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِى سَبِيلِى وابتغاء مَرْضَاتِى﴾ متعلقٌ بلا تتخذُوا كأنَّه قيلَ لا تتولَّوا أعدائِي إن كُنتُم أوليائِي وقولُهُ تعالى ﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة﴾ استئنافٌ واردٌ على نهجِ العتابِ والتوبيخِ أي تُسرونَ إليهِم المودَّةَ أو الأخبارَ بسببِ المودَّةِ ﴿وَأَنَاْ أَعْلَمُ﴾ أيْ والحالُ أنِّي أعلمُ منكُم ﴿بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ﴾ ومُطْلعٌ رسولِي عَلى ما تسرونَ فأيُّ طائلٍ لكم في الإسرارِ وقيلَ أعلمُ مضارعٌ والباءُ مزيدةٌ وما موصلة أو مصدريةٌ وتقديمُ الإخفاءِ على الإعلانِ قد مرَّ وجهُه في قولِهِ تعالى يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴿وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾ أي الاتخاذَ ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل﴾ فقد أخطأَ طريق الحقَّ والصوابَ
﴿إِن يَثْقَفُوكُمْ﴾ أيْ إنْ يظفر وا بكُم ﴿يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء﴾ أي يُظهروا ما في قلوبِهِم منَ العداوةِ ويرتبُوا علَيها أحكامَهَا ﴿وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسوء﴾ بمَا يسُوؤكم من القتلِ والأسرِ والشتمِ ﴿وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ أي تمنَّوا ارتدادكُم وصيغةُ الماضى للإيذان بتحقيق ودادتِهِم قبل أن يثقفُوهُم أيضاً
﴿لن تنفعكم أرحامكم﴾ قرباتكم ﴿وَلاَ أولادكم﴾ الذين توالونَ المشركينَ لأجلِهِم وتتقربُونَ إليهِم محاماةً عليهِم ﴿يَوْمُ القيامة﴾ بجلبِ نفعٍ أو دفعِ ضرَ ﴿يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ استئنافٌ لبيانَ عدمِ نفعِ الأرحامِ والأولادِ يومئذٍ أي يفرق الله بينكم بما اعتراكُم من الهولِ الموجبِ لفرارِ كلِّ منكُم من الآخرِ حسبما نطق به قوله تعالى يَوْمَ يَفِرُّ المرء من أخيه الآية فمالكم ترفضونَ حقَّ الله تعالى لمراعاةِ حقِّ منْ هَذا شأنُهُ وقُرِىءَ يُفْصَل ويفصَّل مبينا للمفعول ويفصل يفصل مبينا للفاعلِ وهُو الله تعالَى ونفصِل ونفصِّل بالنون ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيكُم بهِ
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ أيْ خصلةٌ حميدةٌ حقيقةٌ بأنْ يُؤتَسَى ويُقْتَدى بهَا وقولُهُ تعالَى ﴿فِى إبراهيم والذين مَعَهُ﴾ أي منْ أصحابِهِ المؤمنينَ صفةٌ ثانيةٌ لأسوةٌ أو خبرٌ لكانَ ولكُم للبيانِ أو حالٌ من المستكنِّ في حسنةٌ أو صلةٌ لها لا لأسوةٌ عندَ من لا يجوزُ العملَ بعدَ الوصفِ ﴿إِذْ قَالُواْ﴾