٧ ٤
العظيمِ واصطفاهُ منْ بينِ كافةِ البشرِ
﴿ذلك﴾ الذي امتازَ بهِ منْ بينِ سائرِ الأفرادِ ﴿فَضَّلَ الله﴾ وأحسانُهُ ﴿يُؤْتِيهِ من يشاء﴾ تفضيلا وعطيةً ﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾ الذي يُستحقَرُ دُونَهُ نعيمُ الدُّنيا ونعيمُ الآخرةِ
﴿مَثَلُ الذين حُمّلُواْ التوراة﴾ أي عُلِّمُوهَا وكُلِّفُوا العملَ بهَا ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ أيْ لَمْ يعملُوا بِمَا في تضاعِيفِها منَ الآياتِ التي منْ جُملتِها الآياتُ الناطقةُ بنبوةِ رسولِ الله ﷺ ﴿كَمَثَلِ الحمار يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾ أيْ كتباً منَ العلمِ يتعبُ بحملِهَا ولا ينتفعُ بهَا ويحملُ إمَّا حالٌ والعاملُ فيهَا مَعْنَى المَثلِ أو صفةٌ للحمارِ إذْ ليسَ المرادُ بهِ معيناً فهُو في حكمِ النكرةِ كما في قول من قالَ... وَلَقَدْ أمرُّ عَلى اللئيمِ يَسُبُّنِي...
﴿بِئْسَ مَثَلُ القومِ الذينَ كَذَّبُواْ بآياتِ الله﴾ أيْ بئسَ مثلاً مَثَلُ القوم الذين كَذَّبُواْ بآياتِ الله عَلى أنَّ التمييزَ محذوفٌ والفاعلَ المُفسَّرَ بهِ مستترٌ ومثلُ القومِ هُو المخصوصُ بالذمِّ والموصولُ صفةٌ للقومِ أو بئسَ مثلُ القومِ مثلُ الذينَ كذَّبوا إلخ على أنَّ مثلُ القومِ فاعلُ بئسَ والمخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ وهم اليهودُ الذينَ كذَّبُوا بمَا في التوارة من الآياتِ الشاهدةِ بصحةِ نبوة محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم ﴿والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين﴾ الواضعينَ للتكذيبِ في موضعِ التصديقِ أو الظالمينَ لأنفسِهم بتعريضِها للعذابِ الخالدِ
﴿قُل يا أيُّها الذينَ هَادُواْ﴾ أَيْ تهودُوا ﴿إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ الناس﴾ كانُوا يقولونَ نحنُ أبناءُ الله وأحباؤُه ويَدَّعُونَ أنَّ الدارَ الآخرةَ لهُمْ عندَ الله خالصةً ويقولونَ لنْ يدخلَ الجنةَ إلاَّ منْ كانَ هُوداً فأُمِرَ رسولُ الله ﷺ بأنْ يقولَ لهُم إظهاراً لكذبِهِمْ إنْ زعمتُم ذلكَ ﴿فَتَمَنَّوُاْ الموت﴾ أيْ فتمنَّوا منَ الله أنْ يميتَكُم وينقُلَكُم منْ دارِ البليةِ إلى دارِ الكرامةِ ﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ جوابُه محذوفٌ لدِلالة ما قبله عليه إِن كُنتُمْ صادقين في زَعْمِكُم واثقينَ بأنَّه حقٌّ فَتَمَنَّوُاْ الموتَ فإنَّ مَنْ أيقنَ بأنَّهُ مِنْ أهلِ الجنةِ أحبَّ أنْ يتخلصَ إلَيها منْ هذهِ الدارِ التي هيَ قرارةُ الأكدارِ
﴿وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً﴾ إخبارٌ بما سيكون منهم والبناء في قولِهِ تعالى ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ متعلقةٌ بما يدلُّ عليهِ النفيُ أيْ يأبونَ التمنِّي بسببِ ما عمِلوا من الكفرَ والمعاصيَ الموجبةَ لدخولِ النارِ ولما كانتِ اليدُ من بينِ جوارحِ الإنسانِ مناطَ عامَّةِ أفاعيله عبَّرَ بها تارةً عن النفسِ وأُخرى عنِ القدرةِ ﴿والله عَلِيمٌ بالظالمين﴾ أيْ بهِم وإيثارُ الإظهارِ على الإظهار