} ١ ٨
مستقلةٌ داخلةٌ تحتَ الأمرِ واردةٌ لتأكيدِ ما أفادَهُ كلمةُ بَلَى من إثباتِ البعث وبيان تحقق أمرٍ آخرَ متفرعٍ عليهِ منوط ففيه تأكيد لتحقق البعثِ بوجهينِ ﴿وَذَلِكَ﴾ أي ما ذُكِرَ من البعثِ والجزاءِ ﴿عَلَى الله يَسِيرٌ﴾ لتحققِ القدرةِ التامةِ وقبولِ المادة والفاء في قوله تعالى
﴿فآمنوا﴾ فصيحةٌ مفصحةٌ عن شرطٍ قد حذف ثقة ظهورِهِ أي إذا كانَ الأمرُ كذلكَ فآمنُوا ﴿بالله ورسوله﴾ محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم ﴿والنور الذى أَنزَلْنَا﴾ وهُو القرآنُ فإنَّه بإعجازِهِ بيِّنٌ بنفسِهِ مبيِّنٌ لغيرِهِ كما أنَّ النورَ كذلكَ والالتفاتُ إلى نونِ العظمةِ لإبرازِ كمالِ العنايةِ بأمرِ الإنزالِ ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ من الامتثالِ بالأمرِ وعدمِهِ ﴿خَبِيرٌ﴾ فمجاز لكم عليهِ والجملةُ اعتراضٌ تذييليٌّ مقرر لما قبله من الأمرِ موجبٌ للامتثالِ به بالوعدِ والوعيدِ والالتفاتُ إلى الإسم الجليل لتربية المهابة وتأكيدا استقلالِ الجُملةِ
﴿يوم يجمعكم﴾ ظرف لتنبؤون وقيلَ لخبير لما فيهِ من مَعْنَى الوعيدِ كأنَّه قيلَ والله مجازيكُم ومعاقبكُم يومَ يجمعُكُم أو مفعولٌ لا ذكر وقُرِىءَ نَجْمعكُم بنونِ العظمةِ ﴿لِيَوْمِ الجمع﴾ ليومٍ يُجمعُ فيهِ الأولونَ والآخرونَ أي لأجلِ ما فيهِ من الحسابِ والجزاءِ ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التغابن﴾ أي يومُ غَبْنِ بعضِ الناسِ بعضاً بنزولِ السعداءِ منازلَ الأشقياءِ لو كانوا سعداءَ وبالعكسِ وفي الحديثِ ما منْ عبدٍ يدخلُ الجنةَ إلا أُري مقعدَهُ من النارِ لو أساء ليزداد شُكراً وما من عبدٍ يدخلُ النارَ إلا أري مقعده من الجنةِ لو أحسنَ ليزدادَ حسرةً وتخصيصُ التغابنِ بذلكَ اليوم للإيذان بأن التغبن في الحقيقةِ هو الذي يقعُ فيهِ لا ما يقعُ في أمورِ الدُّنيا ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صالحا﴾ أي عملاً صالحاً ﴿يَكْفُرْ﴾ أي الله عزَّ وجلَّ وقُرىءَ بنونِ العظمةِ ﴿عَنْهُ سيئاته﴾ يومَ القيامةِ ﴿وَيُدْخِلْهُ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا أَبَداً﴾ وقرىء ندخله بنون ﴿ذلك﴾ أى أي ما ذكر من تكفيرِ السيئاتِ وإدخالِ الجناتِ ﴿الفوز العظيم﴾ الذِي لاَ فوز وراءه لا نطوائه على النجاةِ من أعظمِ الهلكاتِ والظفرِ بأجلِّ الطلباتِ
﴿والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا أُوْلَئِكَ أصحاب النار خالدين فِيهَا وَبِئْسَ المصير﴾ أي النارُ كأنَّ هاتينِ الآيتينِ الكريميتين بيانٌ لكيفيةِ التغابنِ
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ﴾ فمن المصائبِ الدنيويةِ ﴿إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ أي تقديره وإرادتِهِ كأنَّها بذاتِهَا متوجهةٌ إلى الإنسانِ متوقفةٌ على إذنِهِ تعالى ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ عند إصابتِهَا للثباتِ والاسترجاعِ وقيل يهدِ قلبَهُ حتَّى يعلمَ


الصفحة التالية
Icon