} ٢ ١ ﴿
بيانٌ لما صدرَ عنهُما من الجنايةِ العظيمةِ مع تحقيق ما ينفيها من صحبةِ النبيِّ أي خانتاهُما بالكفرِ والنفاقِ وهذا تصويرٌ لحالهِما المحاكيةِ لحالِ هؤلاءِ الكفرةِ في خيانتِهِم لرسولِ الله ﷺ بالكفرِ والعصيانِ مع تمكنهِم التامِّ من الإيمانِ والطاعةِ وقوله تعالى {فلم يغنيا﴾ الخ بيانٌ لما أدَّى إليه خيانتُهُما أي فلم يُغنِ النبيانِ ﴿عَنْهُمَا﴾ بحقِّ الزواجِ ﴿مِنَ الله﴾ أي من عذابه تعالى ﴿شَيْئاً﴾ أي شيئا من الإغناء ﴿وقيل﴾ لهما عند موتهم أو يومَ القيامةِ ﴿ادخلا النار مَعَ الداخلين﴾ أي مع سائرِ الداخلينَ من الكفرةِ الذينَ لا وصلةَ بينهُم وبينَ الأنبياءِ عليهِم السَّلامُ
﴿وَضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ آمنوا امرأة فِرْعَوْنَ﴾ أي جعلَ حالها مثلاً لحالِ المؤمنينَ في أنَّ وصلةَ الكفرةِ لا تضرُّهم حيثُ كانتْ في الدُّنيا تحت أعدى أعداءِ الله وهيَ في أعلى غرفِ الجنةِ وقولِهِ تعالَى ﴿إِذْ قَالَتِ﴾ ظرفٌ لمحذوفٍ أشيرَ إليهِ أي ضربَ الله مثلاً للمؤمنينَ حالَها إذْ قالتْ ﴿رَبّ ابن لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الجنة﴾ قريباً من رحمتكَ أو في أَعلَى درجاتِ المقربينَ رُوِيَ أنها لما قالتْ ذلكَ أريتْ بيتَها في الجنة ردة وانتُزِعَ رُوحُها ﴿وَنَجّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ﴾ أي مِنْ نفسِه الخبيثةِ وعملِه السيِء ﴿وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين﴾ من القبطِ التابعينَ لهُ في الظلمِ
﴿وَمَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ﴾ عطفٌ على امرأةِ فرعونٍ تسليةً للأراملِ أي وَضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ آمنُوا حالَها ومَا أوتيتْ من كرامةِ الدُّنيا والآخرةِ والاصطفاء على نساء العاملين مع كونِ قومِها كُفاراً ﴿التى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ وقُرِىءَ فيها أي مريمٌ ﴿مِن رُّوحِنَا﴾ من رُوحٍ خلقناهُ بلا توسطٍ أصلاً ﴿وَصَدَّقَتْ بكلمات رَبَّهَا﴾ بصحفِهِ المنزلةِ أو بما أَوْحى إلى أنبيائِه ﴿وَكُتُبِهِ﴾ بجميعِ كتبِه المنزلةِ وقُرِىءَ بكلمةِ الله وكتابِه أي بعيسَى وبالكتابِ المنزلِ عليهِ وهو الإنجيلُ ﴿وَكَانَتْ مِنَ القانتين﴾ أي من عدادِ المواظبينَ على الطاعةِ والتذكيرُ للتغليبِ والإشعارِ بأنَّ طاعتها لم تقصُرْ عنْ طاعاتِ الرجالِ حتى عُدَّت مِنْ جُملَتهم أو مِنْ نَسلِهِم لأنَّها من أعقابِ هارونَ أخِي مُوسى عليهما السلامُ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم كَمُلَ من الرجالِ كثيرٌ ولم يكملْ من النساءِ إلا أربعٌ آسيةُ بنتُ مُزاحمٍ ومريمُ بنتُ عمرانَ وخديجةُ بنتُ خويلدٍ وفاطمةُ بنتُ محمدٍ صلواتُ الله عليهِ وفضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ وعن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم مَنْ قرأَ سورةَ التحريمِ آتاه الله توبة نصوحا