} ٩ ٢٧
نجابُ قالَ لأنَّه دعاكُم ولم تجيبُوه ثمَّ قرأَ ﴿والله يَدْعُو إلى دَارِ السلام﴾ ﴿وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ﴾ على ما سألوا واستحقوا بموجب الوعد ﴿والكافرون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ بدلَ مَا للمؤمنينَ من الثوابِ والفضلِ المزيدِ
﴿وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الارض﴾ لتكبَّرُوا وأفسدُوا فيَها بَطَراً أو لعَلاَ بعضُهم على بعض با لاستيلاء والاستعلاء كمَا عليهِ الجِبلَّةُ البشريةُ وأصلُ البَغِي طلب تجاوز الاقتصادِ فيَما يُتحرَّى من حيثُ الكميَّةُ أو الكيفيَّةُ ﴿ولكن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ﴾ أي بتقديرٍ ﴿مَا يَشَاء﴾ أنْ ينزلَهُ مما تقتضيه مشيئتُه ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بصير﴾ محيط بخفايا أموارهم وحلاياها فيقدرُ لكلِّ واحدٍ منهُم في كلِّ وقتٍ من أوقاتِهم ما يليقُ بشأنِهم فيفقرُ ويُغِني ويمنعُ ويُعطِي ويَقْبِض ويبسُط حسبما تقتضيهِ الحكمةُ الربَّانيةُ ولو أغناهُم جميعاً لبغَوا ولو أفقرهُم لهلكُوا ورُويَ أنَّ أهلَ الصُّفَّةِ تمنَّوا الغِنَى فنزلتْ وقيل نزلتْ في العرب كانُوا إذا أخصبوا تحاربُوا وإذا أجدبوا انتجعوا
﴿وَهُوَ الذى يُنَزّلُ الغيث﴾ أي المطرَ الذي يغيثُهم من الجدب ولذلك خُصَّ باالنافع منه وقرىء يُنْزِل من الانزال ﴿مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ﴾ يئسوا منه وتقييدُ تنزيله بذلك مع تحقققه بدونه أيضاً لتذكر كمالِ النعمةِ وقُرِىءَ بكسر النون ﴿وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ أيْ بركاتِ الغيثِ ومنافعَهُ في كلِّ شيءٍ من السهلِ والجبلِ والنباتِ والحيوانِ أو رحمتَهُ الواسعةَ المنتظمةَ لَما ذُكر انتظاماً أولياً ﴿وَهُوَ الولى﴾ الذي يتولَّى عبادَهُ بالإحسان ونشرِ الرحمة ﴿الحميد﴾ المستحقُ للحمدِ على ذلك لا غيره
﴿ومن آياته خلق السماوات والأرض﴾ على ما هُما من تعاجيب الصنائع فإنَّها بذاتها وصفاتِها تدلُّ على شئونه العظيمةِ ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا﴾ عطفٌ على السموات أو الخلق ﴿مِن دَابَّةٍ﴾ من حَيَ على إطلاقِ اسمِ المُسبَّبِ على السببِ أو ممَّا يدبُّ على الأرضِ فإنَّ ما يختصُّ بأحد الشيئين المتجاورين يصحُّ نسبتُه إليهما كَما في قولِه تعالى يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ وإنما يخرجُ من المِلحِ وقد جُوِّز أنْ يكونَ للملائكة عليهم السَّلامُ مشيٌ مع الطيرانِ فيوصفُوا بالدبيب وأن يخلقَ الله في السماءِ حيواناً يمشُونَ فيها مشيَ الأنَاسيِّ على الأض كما ينبىء عنه قوله تعالى ويخلق ما لاتعلمون وقد رُويَ أن النبيَّ ﷺ قال فوقَ السماءِ السابعةِ بحر بين أسفله وأعلاهُ كَما بينَ السماءِ والأرضِ ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين رُكَبهن وأظلافهنَّ كما بينَ السماءِ والأرضِ ثم فوقَ ذلكَ العرشُ العظيمُ ﴿وَهُوَ على جَمْعِهِمْ﴾ أي حشرِهم بعدَ البعثِ للمحاسبةِ وقولُه تعالى ﴿إِذَا يَشَاء﴾ متعلقٌ بما قبلَهُ لا بقوله تعالَى