٤٥ ٤ ﴿
لأنَّها تسوءُ مَنْ نزلتْ بهِ {فَمَنْ عَفَا﴾ عنِ المسيءِ إليهِ ﴿وَأَصْلَحَ﴾ بينَهُ وبينَ مَنْ يعاديهِ بالعفوِ والإغضاءِ كَما في قولِه تعالى فَإِذَا الذى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حيم ﴿فَأَجْرُهُ عَلَى الله﴾ عِدَةٌ مُبهمةٌ منبئةٌ عن عظمِ شأنِ الموعودِ وخُروجِه عن الحدِّ المعهودِ ﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظالمين﴾ البادئينَ بالسيئةِ والمعتدين في الانتقامِ
﴿وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ أي بعدَ ما ظُلِمَ وقَدْ قُرِىءَ بهِ ﴿فَأُوْلَئِكَ﴾ إشارةٌ إلى مَنْ باعتبارِ المَعْنى كَما أنَّ الضميرينِ لها بعتبار اللفظِ ﴿مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ﴾ بالمُعَاتبةِ أو المُعَاقبةِ
﴿إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس﴾ يبتدئونَهُم بالإضرارِ أوْ يعتدونَ في الانتقامِ ﴿وَيَبْغُونَ فِى الأرض بِغَيْرِ الحق﴾ أيْ يتكبرونَ فيَها تجبُّراً وفساداً ﴿أولئك﴾ الموصوفونَ بما ذُكِرَ من الظُّلمِ والبغيِ بغيرِ الحقِّ ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ بسببِ ظُلمهم وبغيِهم
﴿وَلَمَن صَبَرَ﴾ على الأذَى ﴿وَغَفَرَ﴾ لِمَنْ ظلمَهُ وَلم ينتصرْ وفوَّضَ أمرَهْ إلى الله تعالى ﴿إن فِى ذَلِكَ﴾ الذي ذُكِرَ مِنَ الصبرِ والمغفرةِ ﴿لَمِنْ عَزْمِ الأمور﴾ أيْ إنَّ ذلكَ مِنْهُ فحذفَ ثقةً بغايةِ ظهورِه كَما في قولِهم السمنُ مَنَوانِ بدرهمٍ وهَذا في الموادِّ التي لا يُؤدِّي العفوُ إلى الشرِّ كَما أُشيرَ إليهِ
﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ مّن بَعْدِهِ﴾ من ناصرٍ يتولاَّهُ من بعدِ خِذلانه تعالى إيَّاهُ ﴿وَتَرَى الظالمين لَمَّا رَأَوُاْ العذاب﴾ أيْ حينَ يرنه وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على التحقق يعقلون ﴿هَلْ إلى مَرَدّ﴾ أيْ إلى رجعةٍ إلى الدُّنيا ﴿مّن سَبِيلٍ﴾ حَتَّى نُؤمنَ ونعملَ صالحاً
﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾ أيْ على النار المدلول علهيا بالعذابِ والخطابُ في الموضعينِ لكلِّ مَنْ يتأتَّى منْهُ الرؤيةُ ﴿خاشعين مِنَ الذل﴾ متذلليين مُتضائلينَ مِمَّا دهاهُم ﴿يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ﴾ أي يبتدىءُ نظرُهم إلى النَّارِ من تحريكٍ لأجفانِهم ضعيفٍ كالمصبورِ ينظرُ إلى السيفِ ﴿وقال الذين آمنوا إِنَّ الخاسرين﴾ أي المتصفينَ بحقيقةِ الخُسرانِ ﴿الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ﴾ بالتعريضِ للعذابِ الخالدِ ﴿يَوْمُ القيامة﴾ إِمَّا ظرفٌ لخسِرُوا فالقولُ في