فصلت آية (٩ ١٠) لا يُمنُّ به عليهم من المَنِّ وأصله الثقلُ أولا يُقطع من مننتُ الحبلَ قطعتُه وقيل نزلتْ في المَرضى والهَرمى إذا عجزُوا عن الطاعة كُتب لهم الأجرُ كأصحِّ ما كانوا يعلمونه
﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ﴾ إنكارٌ وتشنيعٌ لكفرهم وإنَّ واللامُ إنا لتأكيد الإنكارِ وتقديمُ الهمزةِ لاقتضائها الصدارةَ لا لإنكارِ التأكيدِ وإما للإشعارِ بأن كفرَهُم من البعد بحيثُ ينكرُ العقلاءُ وقوعَهُ فيحتاجُ إلى التأكيد وإنما علق كفرُهم بالموصول حيثُ قيل ﴿بالذى خَلَقَ الأرض فِى يَوْمَيْنِ﴾ لتفخيم شأنِه تعالى واستعظامِ كفرِهم به أي بالعظيمِ الشأنِ الذي قدَّرَ وجودَها أي حكَم بأنها ستوجدُ في مقدار يومينِ أو في نوبتينِ على أن ما يُوجدُ في كل نوبة بأسرعِ ما يكونُ وإلا فاليومُ الحقيقيُّ إنما يتحققُ بعدَ وجودِها وتسويةِ السمواتِ وإبداعِ نيرّاتِها وترتيبِ حركاتِها ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً﴾ عطفٌ على تكفرُونَ داخلٌ في حكم الإنكارِ والتوبيخِ وجمعُ الأندادِ باعتبار ما هو الواقعُ لا بأن يكونَ مدارُ الإنكارِ هو التعددُ أي وتجلعون له أنداداً والحالُ أنه لا يمكنُ أن يكونَ له ندٌّ واحدٌ ﴿ذلك﴾ إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلةِ وما فيهِ منْ معنى البعد مع قرب العهدِ بالمُشار إليه للإيذان ببُعدِ منزلِته في العظمة وإفرادُ الكافِ لما مرَّ مرار من أنَّ المرادَ ليس تعيينَ المخاطبينَ وهو مبتدأٌ خبرُه ما بعده أي ذَلِكَ العظيمُ الشأنِ الذي فعلَ ما ذُكرَ ﴿رَبّ العالمين﴾ أي خالقُ جميعِ الموجوداتِ ومربيها دونَ الأرضِ خاصَّة فكيفَ يتُصورُ أن يكونَ أخسُّ مخلوقاتِه نِداً له وقولُه تعالَى
﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ﴾ عطفٌ على خلقَ داخلٌ في حكمِ الصلةِ والجعلُ إبداعيٌّ وحديثُ لزومِ الفصلِ بينهما بجملتين خارجيتين عن حيزِ الصلةِ مدفوعٌ بأن الأُولى متحدةٌ بقولِه تعالى تكفرونَ فهو بمنزلةِ الإعادةِ له والثانيةُ اعتراضيةٌ مقررةٌ لمضمون الكلامِ بمنزلة التأكيدِ فالفصلُ بهما كلاَ فصلٍ على أن فيه فائدةَ التنبيِه على أن مجر المعطوفِ عليه كافٍ في تحقق ربوبيتِه للعالمينَ واستحالةِ أنْ يجعلَ له ندٌّ فكيفَ إذا انضمَّ إليه المعطوفاتُ وقيلَ هو عطفٌ على مقدرٍ أي خلقَها وجعلَ الخ وقيلَ هو كلام مستأنف وأيا ما كان فالمرادُ تقديرُ الجعلِ لا الجعلُ بالفعل وقوله تعلى ﴿مّن فَوْقِهَا﴾ متعلقٌ بجعلَ أو بمضمرٍ هو صفةٌ لرواسِي أي كائنةً من فوقها مرتفعةً عليها لتكونَ منافعها معرضة لأهللها ويظهرَ للنظّارِ ما فيَها من مراصد الاعتيار ومطارحِ الأفكارِ ﴿وبارك فِيهَا﴾ أي قدرَ أن يكثرَ خيرُها بأن يخلقَ أنواعَ الحيواناتِ التي من جُملتها الإنسانُ وأصنافُ النباتِ التي منها معايشُهم ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها﴾ أي حكَم بالفعلِ بأن يوجدَ فيما سيأتي لأهلها من الأنواع المختلفةِ أقواتُها المناسبةُ لها على مقدار معينٍ تقتضيه الحكمةُ وقُرِىءَ وقَسَّم فيَها أقواتَها