٩ - ١٠ ١١ الجاثية كقوله سمعتُ زيداً يقرأُ
﴿ثُمَّ يُصِرُّ﴾ أي يقيمُ على كُفره وأصلُه من إصرارِ الحمارِ على العانة
﴿مُسْتَكْبِراً﴾ عن الإيمانِ بما سمعهُ من آياتِ الله تعالى والإذعان لما تنطق مُزدرياً لها مُعجَباً بما عندَهُ من الأباطيلِ وقيلَ نزلتْ في النَّضْر بنِ الحرث وكان يشترِي من أحاديثِ الأعاجمِ ويشغلُ بها النَّاسَ عن استماعِ القُرآنِ لكنَّها وردتْ بعبارةٍ عامةٍ ناعية عليهِ وعلى كلِّ من يسيرُ سيرتَهُ ما هم فيه من الشرِّ والفسادِ وكلمةُ ثمَّ لاستبعادِ الإصرارِ والاستكبارِ بعد سماعِ الآياتُ التي حقُّها أنْ تُذعنَ لها القلوبُ وتخضعَ لها الرقاب كما في قوله مَنْ قالَ يَرَى غَمَراتِ المَوْتِ ثُمَّ يزورُهَا
﴿كَأَن لم يسمعها﴾ أي كائن لم يسمعْهَا فخُفف وحُذف ضميرُ الشأنِ والجملةُ حالٌ من يُصرُّ أي يصرُّ شبيهاً بغيرِ السامعِ
﴿فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ على إصرارِه واستكبارِه
﴿وإذا علم من آياتنا شَيْئاً﴾ أي إذا بلغَهُ من آياتِنا شيءٌ وعلم أنَّه من آياتِنا لا أنه علمه هُو عليهِ فإنَّه بمعزلٍ من ذلك العلمِ وقيلَ إذا علم منها شيئاً يمكنُ أنْ يتشبثَ به المعاندُ ويجدَ له محملاً فاسداً يتوصلُ به إلى الطعنِ والغميزةِ
﴿اتخذها﴾ أي الآياتِ كلها
﴿هزوا﴾ أي مهزوئا بها لاما سمَعهُ فقطْ وقيلَ الضميرُ للشيءِ والتأنيثُ لأنَّه في معنى الآيات
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى كلِّ أفاكٍ من حيثُ الاتِّصافُ بما ذُكر من القبائح والجمعُ باعتبارِ الشمولِ للكلِّ كما في قوله تعالى كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ كما أنَّ الإفرادَ فيما سبقَ من الضمائرِ باعتبارِ كلِّ واحدٍ واحدٍ
﴿لَهُمْ﴾ بسببِ جناياتِهم المذكورةِ
﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ وصفٌ العذابِ بالإهانةِ توفيةً لحقِّ استكبارِهم واستهزائِهم بآياتِ الله سبحانه وتعالى
﴿مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ أي من قُدامِهم لأنهم متوجهونَ إلى ما أعد لهم أو من خلفِهم لأنهم معرضونَ عن ذلكَ مقبلونَ على الدُّنيا فإن الوراءَ اسمٌ للجهةِ التي يُواريها الشخصُ من خلفٍ وقُدامٍ
﴿وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم﴾ ولا يدفعُ
﴿مَّا كَسَبُواْ﴾ من الأموالِ والأولادِ
﴿شَيْئاً﴾ من عذابِ الله تعالى أو شيئاً من الإغناءِ
﴿وَلاَ مَا اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَاء﴾ أي الأصنامَ وتوسيطُ حرفِ النفي بينِ المعطوفينِ مع أنَّ عدمَ إغناءِ الأصنامِ أظهرُ وأجلى من عدمِ إغناءِ الأموالِ والأولادِ قطعاً مبنيٌّ على زعمِهم الفاسدِ حيثُ كانُوا يطعمون في شفاعتِهم وفيه تهكمٌ
﴿وَلَهُمْ﴾ فيما وراءَهُم من جهنمَ
﴿عَذَابٌ عظِيمٌ﴾ لا يقادَرُ قَدرُه
﴿هذا﴾ أي القرآنُ
﴿هُدًى﴾ في غايةِ الكمالِ من الهدايةِ كأنَّه نفسُها
﴿والذين كَفَرُواْ﴾ أي بالقرآنِ وإنما وضع موضع ضميره قوله تعالى
﴿بآيات رَبّهِمْ﴾ لزيادةِ تشنيعِ كفرِهم به وتفظيعِ حالِهم
﴿لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ﴾ أي من أشدِّ العذابِ
﴿أَلِيمٌ﴾ بالرَّفعِ صفة عذاب وقرئ بالجر على أنه صفةٌ رجزٍ وتنوينُ عذابٌ في المواقعِ الثلاثةِ للتفخيمِ ورفعُه إما على الابتداء وإما على الفاعلية