الجاثية ٣٠ ٣٥ وقولُه تعالى
﴿فَأَمَّا الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ﴾ أي في جنتِه تفصيلٌ لما يُفعلُ بالأممِ بعد بيانِ ما خُوطِبوا بهِ من الكلامِ المُنطوي على الوعدِ والوعيدِ ذلك أي الذي ذُكرَ من الإدخالِ في رحمتِه تعالى هُوَ الفوز المبين الظاهرُ كونُه فوزاً لا فوزَ وراءَهُ
(وَأَمَّا الذين كَفَرُواْ أَفَلَمْ تكُن آياتِي تُتلى عليكمُ) أي يقال لهم بطريقِ التَّوبيخِ والتَّقريعِ ألم يكن تأتيكم رُسلي فلم تكُن آياتِي تُتلى عليكم فحذف المعطوفُ عليه ثقةً بدلالةِ القرينة عليهِ فاستكبرتم عن الإيمانِ بها وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ أي قوماً عادتُهم الإجرامُ
(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ الله) أي ما وعدَهُ من الأمنرو الآتيةِ أو وعدُه بذلكَ حَقّ أي واقعٌ لا محالة أو مطابق الواقع والساعة التي هيَ أشهرُ ما وعدَهُ لاَّ رَيْبَ فِيهَا أي في وقوعِها وقُرِىءَ والساعةَ بالنصبِ عطفاً على اسمِ إنَّ وقراءةُ الرفعِ للعطفِ على محلِّ إن وواسمها قلتم لغية عُتوِّكُم مَّا نَدْرِى مَا الساعة أيْ أيُّ شيءٍ هي استغراباً لَها إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً أيْ ما نفعل إلا نظنُّ ظناً وقيلَ ما نظلن إلا ظناً ضعيفاً ويردُّه قولُه تعالى وَمَا نَحْنُ بمستقنين أي لا مكانه فإنَّ مقابلَ الاستيقانِ مطلقُ الظنِّ لا الضعيفُ منه ولعل هلاؤلاء غيرُ القائلينَ ما هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنيا
(وَبَدَا لَهُمْ) أي ظهرَ لهم حينئذذ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ على ما هيَ عليهِ من الصُّورةِ المُنكرةِ الهائلةِ وعاينوا وخامةَ عاقبتِها أو جزاءَها فإن جزاء السيئة وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ من الجزاءِ والعقابِ
(وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ) نترككُم في العذابِ تركَ المنسيِّ كَمَا نَسِيتُمْ في الدُّنيا لقاء يموكم هذا أيْ كَما تركتُم عِدتَهُ ولم تُبالُوا بهِ وإذا فة اللقاء إلى ياليوم إافة المصدرِ إلى ظرفِه وَمَأْوَاكُمُ النار وَمَا لَكُمْ مّن ناصرين أيما أي مَا لأحدٍ منكُم نَاصِرٌ وَاحِدٌ يخلصكُم منَها
(ذلكم) العذاب يأتكم بسبب أنكم ﴿اتخذتم آيات الله هزوا﴾ مهزوا


الصفحة التالية
Icon