٥ ٧
شئ من الأشياءِ بوجهٍ من الوجوهِ فهُو بمعزلٍ منْ ذلكَ الاستحقاقِ بالمرَّةِ وإِنْ كانَ منَ الأحياءِ العُقلاءِ فَما ظنُّكم بالجمادِ وقولُه تعالَى ﴿ائتونى بكتاب﴾ الخ تبكيتٌ لهم بتعجيزِهم عن الاتيان بسند نقاى بعد تبكيتِهم بالتعجيزِ عن الإتيانِ بسندٍ عقليَ أي ائتونِي بكتابٍ إلهيَ كائنٍ ﴿مّن قَبْلِ هذا﴾ الكتابِ أي القُرآنِ الناطقِ بالتَّوحيدِ وإبطالِ الشركِ دالٍ على صحةِ دينِكم ﴿أَوْ أثارة من علم﴾ أو بقيت من علمٍ بقيتْ عليكُم من علومِ الأولينَ شاهدةٍ باستحقاِقهم للعبادِة ﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ في دَعْواكُم فإنَّها لا تكادُ تَصحُّ ما لم يقُم عليها برهانٌ عقليٌّ أو سلطانٌ نقليٌّ وحيثُ لَم يقُمْ عليها شئ منهُمَا وقد قامتْ على خلافِها أدلةُ العقلِ والنقلِ تبين بطلانها وقرئ إِثَارَةٍ بكسرِ الهمزةِ أي مناظرة فإنهعا تُثيرُ المعانيَ وأثَرةٍ أيْ شئ أوثرتم به وخصخصتم منْ علمٍ مطويَ من غيرِكم وإثرة بالحركات الثلاث مع سكون الثاء إما المكسورةُ فبمعنى الأثَرةِ وأمَّا المفتوحةُ فهي المرةُ من أثرَ الحديثَ أي رَواه وأمَّا المضمومةُ فاسمُ ما يؤثر الخطبة التي هي اسمُ ما يُخطبُ بهِ
﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ الله مِن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ﴾ إنكارٌ ونفيٌ لأنْ يكونَ أحدٌ يُساوي المُشركينَ في الضَّلالِ وإنْ كانَ سبكُ التَّركيبِ لنفي الأضلِ منهم من غيرِ تعرضٍ لنفي المُساوِي كما مر غيرَ مرة أي هُم أضلُّ من كلِّ ضالَ حيثُ تركُوا عبادةَ خالقِهم السميعِ القادرِ المجيبِ الخبير إلى عبادةِ مصنُوعِهم العارِي عن السمعِ والقدرةِ والاستجابةِ ﴿إلى يَوْمِ القيامة﴾ غايةٌ لنفي الاستجابةِ ﴿وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ﴾ الضميرُ الأول لمفعول ويدعو الثانى لفاعلِه والجمعُ فيهما باعتبارِ معنى مَنْ كما أن الإفرادَ فيما سبقَ باعتبارِ لفظِها ﴿غافلون﴾ لكونِهم جماداتٍ وضمائرُ العقلاءِ لإجرائِهم إيَّاها مُجرى العُقلاءِ ووصفِها بما ذُكر منْ تركِ الاستجابةِ والغفلةِ مع ظهورِ حالِها للتهكم بَها وبعبدَتها كقولِه تعالى إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ الآيةَ
﴿وَإِذَا حُشِرَ الناس﴾ عند قيامِ القيامةِ ﴿كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كافرين﴾ أي مُكذبينَ بلسانِ الحالِ أو المقالِ علَى ما يروى أنه تعالى يحى الأصنامَ فتتبرأُ عن عبادتِهم وقد جُوِّز أن يراد بهم كلُّ ما يُعبدُ من دُونِ الله مِن الملائكة والجن والإنس وغيرِهم ويبنَى إرجاعُ الضمائرِ وإسنادُ العداوةِ والكفرِ إليهم على التغليبِ ويرادُ بذلكَ تبرؤُهم عنهُم وعنْ عبادتِهم وقيلَ ضميرُ كانُوا للعبدةِ وذلكَ قولُهم والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بَيّنَاتٍ﴾ واضحاتٍ أو مبيناتٍ ﴿قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ﴾ أي لأجلِه وفي شأنِه وهو عبارةٌ عن الآياتِ المتلوةِ وضعَ موضعَ ضميرِها تنصيصاً على حقِّيتِها ووجوبِ الإيمانِ بَها كما وضعَ الموصولِ موضِعَ ضميرِ المتلوِّ عليهم تسجيلاً عليهم بكمالَ الكفرِ والضلالةِ ﴿لَمَّا جَاءهُمْ﴾ أي في أول ما جَاءهُمْ من غيرِ تدبرٍ وتأملٍ ﴿هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ أي ظاهرٌ كونُه


الصفحة التالية
Icon