} ٨ ٢٠
في الكافرِ العاقِّ لوالديهِ المكذبِ بالبعثِ وعن قَتَادةَ هُو نعتُ عبدِ سوءٍ عاقِّ لوالديهِ فاجرٍ لربِّه وما رُوي من أنَّها نزلت في عبدلرحمن بن أبي بكرٍ رضيَ الله عنهُمَا قبلَ إسلامِه يردُّه ما سيأتِي من قولِه تعالى أُوْلَئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول الآيةَ فإنه كان من أفاصل المسلمينَ وسَرواتِهم وقد كذَّبتِ الصدِّيقةُ رضيَ الله عنَها مَنْ قالَ ذلكَ ﴿أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ﴾ أُبعثَ من القبر بعد الموت وقرئ أَخْرُجَ من الخُروجِ ﴿وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى﴾ ولم يُبعثْ منهم أحدٌ ﴿وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله﴾ يسألانِه أنْ يغيثَهُ ويوفقَهُ للإيمانِ ﴿وَيْلَكَ﴾ أي قائلينَ له ويلكَ وهو في الأصلِ دعاءٌ عليه بالثبورِ أُريدَ به الحثَّ والتحريضَ على الإيمانِ لا حقيقةَ الهلاكِ ﴿آمن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ أى البعث أضافا إليهِ تعالى تحقيقاً للحقِّ وتنبيهاً على حطئه في إسنادِ الوعدِ إليهما وقرئ إِنَّ وَعْدَ الله أي آمِنْ بأنَّ وعدَ الله حقٌّ ﴿فَيَقُولُ﴾ مكذباً لهُما ﴿مَا هذا﴾ الذي تسميانِه وعدَ الله ﴿إِلاَّ أساطير الأولين﴾ أباطيلُهم التي سَطرُوها في الكتبِ من غيرِ أنْ يكونَ لها حقيقةٌ
﴿أولئك﴾ القائلون هذه المقالاتِ ﴿الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول﴾ وهو قولُه تعالَى لإبليسَ لاملان جهنم منك وممن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ كما ينبئ عنه قولُه تعالى ﴿فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والإنس﴾ وقدْ مرَّ تفسيرُه في سورةِ الم السجدةُ ﴿إِنَّهُمْ﴾ جميعاً ﴿كَانُواْ خاسرين﴾ قد ضيَّعُوا فطرتَهُم الأصليةَ الجاريةَ مجرى رؤس أموالِهم باتِّباعِهم الشيطانَ والجملةُ تعليلٌ للحُكمِ بطريقِ الاستئنافِ التحقيقيِّ
﴿وَلِكُلّ﴾ من الفريقينِ المذكورينِ ﴿درجات مّمَّا عَمِلُواْ﴾ مراتبُ من أجزيةِ ما عملوا من الخير والشرِّ والدرجاتُ غالبةٌ في مراتبِ المَثوبة وإيرادها بطريقِ التغليبِ ﴿وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ أي أجزيةَ أعمالِهم وقرئ بنونِ العظمةِ ﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ بنقصِ ثوابِ الأولينَ عقابِ الآخرينَ والجملةُ إمَّا حالٌ مؤكدةٌ للتوفية أو استئنافٌ مقررٌ لها واللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ مُؤخرٍ كأنَّه قيل ليوفيهم أعمالَهُم ولا يظلمَهُم حقوقَهم فعلَ ما فعلَ من تقديرِ الأجزيةِ على مقاديرِ أعمالهم فجعل الثواب والعقابَ دركاتٍ
﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار﴾ أي يُعذَّبُونَ بَها منْ قولِهم عُرضَ الأسُارَى على السيفِ أي قُتلوا وقيل يُعرض النارُ عليهم بطريقِ القلبِ مبالغةً ﴿أَذْهَبْتُمْ طيباتكم﴾ أي يقالُ لهم ذلكَ وهو الناصبُ للظرف وقرئ أأْذهبتُم بهمزتينِ وبألفٍ بينَهمَا على الاستفهامِ التوبيخيِّ أي أصبتم أو أخذتم ما كُتب لكُم من حُظوظِ الدُّنيا ولذائِذها ﴿فِى حياتكم الدنيا واستمتعتم بِهَا﴾ فلم يبقَ لَكُم بعد ذلك شئ منَها ﴿فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون﴾


الصفحة التالية
Icon