} ٦ ١٨
به مبالغة وقرئ لذةٌ بالرفعِ على أنَّها صفةُ أنهارٌ وبالنصبِ على العلَّةِ أي لأجلِ لذةِ الشاربينَ ﴿وأنهار مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى﴾ لا يُخالطُه الشمعُ وفضلاتُ النحلِ وغيرُها وفي هذا تمثيلٌ لما يَجْري مَجرى الأشربةِ في الجنةِ بأنواعِ ما يُستطابُ منها ويُستلذُّ في الدُّنيا بالتخليةِ عمَّا يُنغصها ويُنقصها والتحليةِ بما يُوجبُ غزارتُها ودوامَها ﴿وَلَهُمْ فِيهَا﴾ مع ما ذُكَر من فنونِ الأنهارِ ﴿مِن كُلّ الثمرات﴾ أيْ صنفٌ من كلِّ الثمراتِ ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ أي ولهم مغفرةٌ عظيمةٌ لا يُقادرُ قَدرُها وقولُه تعالى ﴿مّن رَّبّهِمُ﴾ متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ لمغفرةٌ مؤكدةٌ لما أفاده التنكيرُ من الفخامةِ الذاتيةِ بالفخامةِ الإضافيةِ أي كائنةٌ من ربِّهم وقولُه تعالى ﴿كمن هو خالد فى النار﴾ خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ أمَّنْ هو خالدٌ في هذه الجنةِ حسبما جريَ به الوعدُ كمن هو خالد فى النار كما نطق به قوله تعالى والنَّارُ مَثْوىً لَهُم وقيل هو خبرٌ لَمثَلُ الجنةِ على أنَّ في الكلامِ حذفاً تقديرُهُ أمثلُ الجنةِ كمثلِ جزاءِ من هو خالد فى النار أو أمثلُ أهلِ الجنةِ كمثلِ من هو خالدٌ في النارِ فعُرّيَ عن حرفِ الإنكارِ وحُذفَ ما حذفَ تصويراً لمكابرةِ مَن يُسوي بين المتمسكِ بالبينةِ وبين التابعِ للهوى بمكابرةِ من سوَّى بين الجنةِ الموصوفةِ بما فُصل من الصفاتِ الجليلةِ وبين النارِ ﴿وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً﴾ مكانَ تلك الأشربةِ ﴿فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾ من فرْطِ الحرارةِ قيل إذادنا منهم شوى وجوههم وانمارت فروة رؤسهم فإذا شربوُه قطَّع أمعاءَهم
﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ هم المنافقونَ وإفرادُ الضميرِ باعتبارِ لفظِ مَنْ كما أنَّ جمعَهُ فيما سيأتي باعتبارِ معناها كانُوا يحضُرون مجلس رسول الله ﷺ فيسمعونَ كلامَهُ ولا يَعُونَهُ ولا يُراعونَهُ حقَّ رعايتِه تهاوناً منهُم ﴿حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم﴾ من الصحابةِ رضيَ الله عنُهم ﴿ماذا قال آنفا﴾ أي ما الذي قالَ الساعةَ على طريقةِ الاستهزاءِ وإن كان بصورةِ الاستعلامِ وآنِفاً من قولِهم أنْفُ الشئ لما تقدمَ منه مستعارٌ من الجارحةِ ومنه استأنفَ الشئ وائتنفَ وهو ظرفٌ بمعنى وقتاً مؤتنفاً أو حالٌ من الضمير في قالَ وقرئ أنفا ﴿أولئك﴾ اوصفون بما ذُكِرَ ﴿الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ﴾ لعدمِ توجههم نحوَ الخيرِ أصلاً ﴿واتبعوا أَهْوَاءهُمْ﴾ الباطلةَ فلذلك فعلُوا ما فعلُوا مما لا خيرَ فيهِ
﴿والذين اهتدوا﴾ إلى طريقِ الحقِّ ﴿زَادَهُمْ﴾ أي الله تعالَى ﴿هُدًى﴾ بالتوفيقِ والإلهامِ ﴿وآتاهم تقواهم﴾ أعانهُم على تقواهُم أو أعطاهُم جزاءَها أو بيّنَ لهم ما يتقونَ
﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ الساعة﴾ أي القيامةَ وقولُه تعالى ﴿أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ أي تُباغتُهم بغتةً وهي المفاجأةُ بدلُ اشتمالٍ من