} ٦ ٢ {
تميمٍ فيقولونَ عسى أنْ تفعلَ وعسى أنْ تفعلُوا
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى المخاطبينَ بطريقِ الالتفاتِ إيذاناً بأنَّ ذكرَ هَنَاتِهم أوجبَ إسقاطَهُم عن رتبة الخطاب وحكايةِ أحواهم الفظية لغيرِهم وهُو مبتدأٌ خبرُه ﴿الذين لَعَنَهُمُ الله﴾ أيْ أبعدهُم من رحمتِه ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن استماعِ الحقِّ لتصامِّهم عنْهُ بسوءِ اختيارِهم ﴿وأعمى أبصارهم﴾ لتعامِيهم عمَّا يُشاهدونه من الآياتِ المنصوبةِ في الأنفسِ والآفاق
﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾ أيْ أَلاَ يلاحظونَهُ ولاَ يتصفحونَهُ وما فيهِ من المواعظِ والزواجرِ حتَّى لا يقعُوا فيَما وقعُوا فيهِ من الموبقاتِ ﴿أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ فلا يكادُ يصلُ إليها ذكرٌ أصلاً وأمْ منقطعةٌ وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخِ بعدمِ التدبرِ إلى التوبيخِ بكونِ قلوبهم مقفلةً لا تقبلُ التدبرَ والتفكرَ والهمزةُ للتقريرِ وتنكيرُ القلوبِ إمَّا لتهويلِ حالِها وتفظيع شأنها بإيهام أمرِها في القساوةِ والجهالةِ كأنَّه قيلَ على قلوبٍ منكَرةٍ لا يعرفُ حالُها ولا يُقادرُ قدرُها في القساوةِ وإما لأنَّ المرادَ بها قلوبُ بعضٍ منْهم وهم المنافقونَ وإضافةُ الأقفالِ إليها للدلالةِ على أنَّها أقفالٌ مخصوصةٌ بها مناسبةٌ لها غيرُ مجانسةٍ لسائرِ الأقفالِ المعهودةِ وقُرِىءَ أقفالُها وأقفالها الذين
﴿إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم﴾ أي رجعُوا إلى ما كانُوا عليه من الكفر وهم المنافقون وُصفوا فيما سلفَ بمرضِ القلوبِ وغيرهِ من قبائحِ الأفعالِ والأحوالِ فإنَّهم قد كفروا به عليه الصلاة والسَّلامُ ﴿مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى﴾ بالدلائلِ الظاهرةِ والمعجزاتِ القاهرةِ وقيل هم اليهودُ وقيل أهلُ الكتابينِ جميعاً كفرُوا به عليه الصلاة والسلام بعد ما وجدُوا نعتَهُ في كتابهم وعرفوا أنه المنعوت بذلكَ وقولُه تعالى ﴿الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ﴾ جملةٌ من مبتدإٍ وخبر وقعت خبر لإنَّ أي سهَّلَ لهم ركوبَ العظائمِ من السَّوَل وهو الاسترخاءِ وقيلَ من السول المخفف من السؤال لا ستمرار القلبِ فمعنى سوَّلَ له أمراً حينئذٍ أوقعه في أمنيته فإن السُّؤل الأمنية وقرىء سُوِّل مبنياً للمفعولِ على حذفِ المضافِ أي كيد الشطيان ﴿وأملي لهم﴾ وعد لهم في الأمانِيِّ والآمالِ وقيلَ أمهلهُم الله تعالى ولم يُعاجلْهم بالعقوبةِ وقُرِىءَ وأملى لم على صيغةِ المتكلمِ فالمعنى أن الشيطانُ يُغويهم وأنا أُنْظِرُهم قالو او للحالِ أو للاستئنافِ وقُرِىءَ أُمْلِىَ لهُم على البناءِ للمفعولِ أي أُمْهِلُوا ومُدَّ في عمرِهم
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما ذُكِرَ من ارتدادِهم لا إلى الإملاءِ كما نُقلَ عن الواحديِّ ولا إلى التسويلِ كما قيل لأنَّ شيئاً منهما ليس مُسبباً عن القولِ الآتي وهو مبتدأ خبره قوله تعالى ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ أي بسببِ أنَّهم ﴿قَالُواْ﴾ يعني المنافقينَ المذكورينَ لا لليهود الكافرينَ به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعد ما وجدُوا نعتَهُ في التوارةِ كما قيل