٧٩ سورة النازعات (٢٦ ٢٩)
رآهُ أو سمعَهُ ويمنعُه من تعاطِي ما يُفضِي اله ومحلُّه النصبُ على أنَّه مصدرٌ مُؤكدٌ كوعدَ الله وصبغةَ الله كأنَّه قيلَ نكَّلَ الله به نكالَ الآخرةِ والأُولى وهو الإحراقُ في الآخرة والإغراقُ في الدُّنيا وقيلَ مصدرٌ لأخذَ أي أخذَهُ الله أخذَ نكالِ الآخرةِ الخ وقيلَ مفعولٌ له أي أخذَهُ لأجل نكالِ الخ وقيلَ نُصب على نزعِ الخافضِ أي أخذَهُ بنكال الآخرةِ والأولى واضافته الى الداين باعتبار وقوعِ نفسِ الأخذِ فيهمَا لا باعتبارِ أنَّ ما فيه من معنى المنعِ يكونُ فيهمَا فإن ذلكَ لا يتصورُ في الآخرةِ بل في الدُّنيا فإن العقوبةَ الأخرويةَ تنكلُ من سمعَها وتمنعُه من تعاطِي ما يُؤدي إليها لا محالةَ وقيلَ المرادُ بالآخرةِ والأُولى قولُه أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى وقولُه مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى قيل كان بينَ الكلمتينِ أربعونَ سنةً فالإضافةُ إضافةُ المسبِّبِ إلى السببِ
إِنَّ فِى ذَلِكَ
أي فيمَا ذُكِرَ من قصة فرعونَ وما فَعَل وما فُعلِ به
لَعِبْرَةً
عظيمةً
لّمَن يخشى
أي لمَنْ مِنْ شأنِه أنْ يخشَى وهو مَنْ مِنْ شأنِه المعرفة وقوله تعالى
أأنتم أَشَدُّ خَلْقاً
خطابٌ لأهل مكةَ المنكرين للبعث بناءً على صعوبتِه في زَعْمِهم بطريقِ التوبيخِ والتبكيتِ بعدَ ما بيّنَ كمالُ سهولتِه بالنسبةِ إلى قُدرةِ الله تعالى بقولِه تعالى فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ واحدة أي أخلقُكُم بعد موتِكم أشدُّ أي أشقُّ وأصعبُ في تقديرِكم
أَمِ السماء
أي أمْ خلقُ السماءِ على عِظَمِها وانطوائِها على تعاجيبِ البدائعِ التي تحارُ العقولُ عن ملاحظةِ أدناهَا كقولِه تعالى لَخَلْقُ السموات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس وقولِه تعالى أَوَ لَيْسَ الذى خَلَقَ السموات والأرض بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وقولِه تعالى
بناها
الخ بيانٌ وتفصيلٌ لكيفيةِ خلقِها المستفادِ من قولِه أمِ السماءُ وفي عدمِ ذكرِ الفاعلِ فيه وفيما عُطف عليهِ من الأفعالِ من التنبيهِ على تعينِه وتفخيمِ شأنِه عزَّ وجلَّ ما لا يخفى وقوله تعالى
رَفَعَ سَمْكَهَا
بيانٌ للبناء أي جعلَ مقدارَ ارتفاعِها من الأرضِ وذهابِها إلى سمتِ العلوِّ مديداً رفيعاً مسيرةً خمسمائةِ عامٍ
فَسَوَّاهَا
فعلدها مستويةً ملساءَ ليسَ فيها تفاوتٌ ولا فطورٌ أو فتممَها بما عَلم أنها تتمُّ بهِ من الكواكبِ والتداويرِ وغيرِها مما لا يعلمُه إلا الخلاَّقُ العليمُ من قولِهم سَوَّى أمرَ فلان إذا صلحه
﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ أي جعلَه مظلماً يقال غطشَ الليلُ وأغطشَهُ الله تعالَى كما يقالُ ظلَم وأظلَمَهُ وقد مَرَّ هذا في قولِه تعالى وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ ويقال أيضاً أغطشَ الليلُ كما يقالُ أظلمَ ﴿وَأَخْرَجَ ضحاها﴾ أي أبرزَ نهارَهَا عبرَ عنْهُ بالضُّحىَ لأنه أشرفُ أوقاتهِ وأطيبُها فكانَ أحقَّ بالذكرِ في مقامِ الامتنانِ وهو السرُّ في تأخير ذكره عن ذكرِ الليلِ وفي التعبيرِ عن إحداثهِ بالاخراجِ فإنَّ إضافة النورِ بعد الظلمةِ أتمُّ في الإنعام