٧٩ سورة النازعات (٣٣ ٣٥)
الاثنينِ ودحاهَا وخلقَ ما فيها يومَ الثلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ وخلقَ السمواتِ وما فيهن يومَ الخميسِ ويومَ الجمعةِ وخلقَ آدمَ عليه السلامُ في آخرِ ساعةٍ منه وهيَ الساعةُ التي تقومُ فيها القيامةُ فالأقربُ كما قيل تأمويل هذه الآيةِ بأن يُجعلَ ذلكَ إشارةً إلى ذكِر ما ذُكِرَ من بناءِ السماءِ ورفعِ سَمِكها وتسويتِها وغيرَها لا إلى أنفسِها ويحمل بعدية في الذكرِ كما هُو المعهودُ في ألسنة العربِ والعجمِ لا في الوجود لما عرفتَ من أنَّ انتصابَ الأرضِ بمضمرٍ مقدمٍ قد حُذِفَ على شريطةِ التفسيرِ لا بما ذُكِرَ بعدَهُ ليفيدَ القصرَ وتتعينَ البعديةُ في الوجودِ وفائدةُ تأخيرِه في الذكرِ إما التنبيهُ على أنَّه قاصرٌ في الدلالةِ على القدرة القاهرةِ بالنسبةِ إلى أحوالِ السماءِ وإما الإشعارُ بأنَّه أدخلُ في الإلزامِ لما أنَّ المنافعَ المنوطةَ بما في الأرض أكثرُ وتعلقَ مصالحِ الناسِ بذلكَ أظهرُ وإحاطتَهم بتفاصيلِ أحوالِه أكملُ وليسَ ما رُويَ عن الحسنِ نصاً في تأخرِ دحوِ الأرضِ عن خلق السماءِ فإن بسطَ الأرضِ معطوفٌ على إصعادِ الدخانِ وخلقِ السماء بالواو هي بمعزلٍ من الدلالةِ على الترتيبِ هذا على تقديرِ حملِ ما ذكرَ في آياتِ سورةِ السجدةِ من الخلقِ وما عُطف عليهِ من الأفعالِ الثلاثةِ على معانيها الظاهرةِ وأما إذا حُملتْ على تقديرِها فلا دلالةَ فيها إلا على تقدمِ تقدير الأرضِ وما فيهَا على إيجاد السماءِ كما لا دلالةَ على الترتيب أصلاً إذا حُملتْ كلمةُ ثُمَّ فيها وفيمَا في سورةِ البقرةِ على التراخِي في الرتبةِ وقد سلفَ تفصيلُ الكلامِ في السورةِ المذكورةِ وقوله تعالى
متاعا لَّكُمْ ولأنعامكم
إمَّا مفعول له أي فعل ذلكَ تمتيعاً لكُم ولأنعامِكم لأنَّ فائدةَ ما ذُكرَ من البسط والتميهد وإخراجِ الماءِ والمَرْعى واصلةٌ إليهم وإلى أنعامِهم فإن المراد المرعى ما يعمُّ ما يأكلُه الإنسانُ وغيرُه بناءً على استعارةِ الرَّعي لتناولِ المأكولِ على الإطلاقِ كاستعارةِ المرسنِ للأنفِ وقيلَ مصدرٌ مؤكِّدٌ لفعلِه المضمرِ أي متَّعكُم بذلكَ متاعاً أو مصدرٌ من غير لفظه فإن قولَه تعالَى أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا ومرعاها في معنى متَّع بذلكَ وقوله تعالى
فإذا جاءت الطامة الكبرى
أي الداهيةُ العُظمى التي تطمُّ على سائرِ الطاماتِ أي تعلُوها وتغلبُها وهي القيامةُ أو النفخةُ الثانيةُ وقيلَ هي الساعةُ التي يساق الخَلائقُ إلى محشرِهم وقيلَ التي يساق أهلُ الجنةِ إلى الجنةِ وأهلُ النارِ إلى النارِ شروعٌ في بيان أحوالِ معادِهم إثرَ بيانِ أحوالِ معاشِهم بقولِه تعالى متاعا لَّكُمْ الخ والفاءُ للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلَها عما قليل كما يبنى منه لفظُ المتاعِ
يوم يتذكر الإنسان ما سعى
قيلَ هو بدلٌ من إذَا جاءتْ والأظهرُ أنه منصوبٌ بأَعْنِي كما قيلَ تفسيراً للطامةِ الكُبرى فإن الإبدالَ منها بالظرف المحضِ مما يُوهن تعلقَها بالجوابِ ويجوزُ أن يكونَ بدلاً من الطامةِ الكُبرى مفتوحاً لإضافتِه إلى الفعلِ على رأي الكوفيينَ أي يتذكر فيه كل


الصفحة التالية
Icon